البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٨
الطلاق الصريح كما قدمناه في آخر باب الكنايات. وذكر المؤلف في المستصفى من باب المسح على الخفين الأحكام تثبت بطرق أربعة: الاقتصار كما إذا أنشأ الطلاق أو العتاق وله نظائر جمة، والانقلاب وهو انقلاب ما ليس بعلة علة كما إذا علق الطلاق أو العتاق بالشرط فعنده وجود الشرط ينقلب ما ليس بعلة علة. والاستناد وهو أن يثبت في الحال ثم يستند وهو دائر بين التبيين والاقتصار وذلك كالمضمونات تملك عند أداء الضمان مستندا إلى وقت وجود السبب، وكالنصاب فإنه يجب الزكاة عند تمام الحول مستندا إلى وقت وجوده، وكالطهارة في المستحاضة والتيمم ينقض عند خروج الوقت ورؤية الماء مستندا إلى وقت الحدث، ولذا قلنا:
لا يجوز المسح لهما. والتبيين وهو أن يظهر في الحال أن الحكم كان ثابتا من قبل مثل أن يقول في اليوم إن كان زيد في الدار فأنت طالق وتبين في الغد وجوده فيها فيقع الطلاق في اليوم ويعتبر ابتداء العدة منه، وكما إذا قال لامرأته إذا حضت فأنت طالق فرأت الدم لا يقضي بوقوع الطلاق ما لم يمتد ثلاثة أيام، فإذا امتد ثلاثة أيام حكمنا بوقوع الطلاق من حين حاضت. والفرق بين التبيين والاستناد أن التبيين يمكن أن يطلع عليه العباد وفي الاستناد لا يمكن، وفي الحيض يمكن أن يطلع عليه بأن يشق بطنها فيعلم أنه من الرحم. وكذا يشترط المحلية في الاستناد دون التبيين، وكذا الاستناد يظهر أثره في القائم دون المتلاشي، وأثر التبيين يظهر فيهما فلو قال أنت طالق قبل موت فلان بشهر لم تطلق حتى يموت فلان بعد اليمين بشهر، فإن مات لتمام الشهر طلقت مستندا إلى أول الشهر فتعتبر العدة من أوله. ولو وطئها في الشهر صار مراجعا لو كان الطلاق رجعيا وغرم العقر لو كان بائنا، ويرد الزوج بدل الخلع إليها لو خالعها في خلاله ثم مات فلان ولو مات فلان بعد العدة بأن كانت بالوضع أو لم تجب العدة لكونه قبل الدخول لا يقع الطلاق لعدم المحل. وبهذا تبين أنه فيها بطريق الاستناد لا بطريق التبيين وهو الصحيح، ولو قال أنت طالق قبل قدوم فلان بشهر يقع مقتصرا على القدوم لا مستندا ا ه‍.
قوله: (وفي إن حضت حيضة يقع حين تطهر) يعني إما بمضي العشرة مطلقا أو بانقطاع الدم مع أخذ شئ من أحكام الطاهرات إذا انقطع لأقل منها لأن الحيضة اسم للكاملة، وكذا إذا قال نصف حيضة أو ثلثها أو سدسها أو أنت طالق مع حيضتك أو في حيضتك بالتاء كقوله إن صمت يوما أو صليت صلاة لا يحنث إلا بصوم يوم كامل وبشفع بخلاف ما تقدم لأنه يدل على جنس الحيض فهو كقوله إن صمت أو صليت. وأشار بقوله
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست