البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٢
لأولهما فلا ينافي اشتراطه وقت التعليق.، وأيضا علم الاشتراط وقت التعليق من قوله أول الباب فلو قال لأجنبية إن زرت فأنت طالق لم يصح لكن في القنية قبيل النفقات معزيا إلى الملتقط: قال حلال الله علي حرام إن فعلت كذا وليس له امرأة فتزوج ثم فعل ذلك الفعل لا تطلق حج طلقت ا ه‍. وينبغي الاعتماد على الأول لما ذكرنا، وأراد من الشرطين أمرين يتعلق الطلاق بهما ولا يقع بأحدهما، سواء كانا شرطين حقيقة بتعدد أداة الشرط أو لا. أما الأول فبأن عطف شرطا على آخر وأخر الجزاء نحو إذا قدم فلان وإذا قدم فلان فأنت طالق فإنه لا يقع حتى يقدما لأنه عطف شرطا محضا على شرط لا حكم له ثم ذكر الجزاء فيتعلق بهما فصارا شرطا واحدا فلا يقع إلا بوجودهما، فإن نوى الوقوع بأحدهما صحت نية تقديم الجزاء على أحدهما وفيه تغليظ، أو بأن كرر أداة الشرط بغير عطف كقوله إن أكلت أو لبست فأنت طالق فإنها لا تطلق ما لم تلبس ثم تأكل فيقدم المؤخر، وكذا لو قال كل امرأة أتزوجها إن كلمت فلانا فهي طالق يقدم المؤخر فيصير التقدير إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها طالق.
واستغنى عن الفاء بتقدير الجزاء فالكلام شرط الانعقاد والتزوج شرط الانحلال وأصله قوله تعالى * (ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم) * [هود:
34] فالمعنى إن كان الله يريد أن يغويكم فلا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم. ووجه المسألة أنه لا يمكن أن يجعل الشرطان شرطا واحدا لنزول الجزاء لعدم العطف وإن روي عن محمد في غير رواية الأصول أنه رجع عن التقديم والتأخير وأقر كل شرط في موضعه وهو رأي إمام الحرمين من الشافعية لأن الأصل عدم التقرير إلا بدليل والكلام في موجب اللفظ ولا الشرط الثاني مع ما بعده هو الجزاء للأول لعدم الفاء الرابطة، ونية التقديم والتأخير أحق من إضمار الحرف لأنه تصحيح للمنطوق من غير زيادة شئ آخر فكان قوله إن أكلت مقدما من تأخير لأنه في حيز الجواب المتأخر. والتقدير إن لبست فإن أكلت فأنت طالق، وهذا بناء على ما قدمناه من لزوم التخبيز في مثل إن دخلت الدار أنت طالق، وعلى ما قدمناه عن أبي يوسف من لزوم إضمار الفاء يجب أن لا يعكس الترتيب. وفي التجريد: لو قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت فلانا لا بد من اعتبار الملك عند الشرط الأول فإن طلقها بعد الدخول بها ثم دخلت الدار وهي في العدة ثم كلمت فلانا وهي في العدة طلقت ا ه‍. وهو على الظاهر من التقديم والتأخير فكان المتقدم شرط الانحلال فيعتبر الملك عنده. وعلى هذا لو قال إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتيني فأنت طالق لا تطلق حتى تسأله
(٥٢)
مفاتيح البحث: الأكل (1)، الحج (1)، الترتيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست