البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٥
قلت: بينهما فرق، وقوله وإن كنا نتيقن بكذبها ممنوع لما سمعته عن الهداية من أنه لا يتيقن بكذبها. وبهذا ظهر أنه لو علق بفعل قلبي وأخبرت به فإن تيقنا بكذبها لم يقع وإلا وقع. وفي البدائع: إن كنت تكرهين الجنة تعلق بإخبارها بالكراهة مع أنها لا تصل إلى حالة تكره الجنة فقد تيقنا بكذبها. وقد يقال: إن لشدة محبتها للحياة الدنيا تكره الجنة لأنها لا تتوصل إليها إلا بالموت وهي تكرهه فلم يتيقن بكذبها. وهل تكفر المرأة بقولها أنا أحب عذاب جهنم وأكره الجنة؟ قلت: ظاهر كلامهم هنا عدمه. وفي المحيط لو قال لامرأتيه أشدكما حبا للطلاق وأشدكما بغضا له طالق فقالت كل واحدة أنا أشد حبا في ذلك لا يقع شئ لأن كل واحدة مخيرة في حق نفسها شاهدة على صاحبتها بما في ضميرها لأنها تقول أنا أشد حبا منها وهي أقل حبا مني وهي غير مصدقة في الشهادة على صاحبتها فلم يتم الشرط اه‍. وقيد بمحبتها لأنه لو علقه بمحبة غيرها فظاهر ما في المحيط أنه لا بد من تصديق الزوج فإنه قال: لو قال أنت طالق إن لم تكن أمك تهوى ذلك فقالت الام أنا لا أهوى وكذبها الزوج لا تطلق. فإن صدقها طلقت لما عرف. وروى ابن رستم عن محمد أنه لو قال إن كان فلان مؤمنا فأنت طالق لا تطلق لأن هذا لا يعلمه إلا هو ولا يصدق هو على غيره وإن كان هو بين مسلمين يصلي ويحج. ولو قال لآخر لي إليك حاجة فاقضها لي فقال امرأته طالق إن لم أقض حاجتك فقال حاجتي أن تطلق زوجتك فله أن لا يصدقه فيه ولا تطلق زوجته لأنه محتمل للصدق والكذب فلا يصدق على غيره اه‍. وأطلق في المرأة فشمل ما إذا كانت مراهقة لم تحض بعد لما في المحيط: لو قال لامرأته المراهقة إن حضت فأنت طالق فقالت حضت، أو قال لغلامه المراهق إن احتلمت فأنت حر فقال احتلمت، تصدق المرأة ولا يصدق الغلام في رواية هشام لأن الغلام ينظر إليه كيف يخرج منه المني ولا يستطاع ذلك في الحيض لأنها تدخل الدم في الفرج فلا يعلم منها أو من غيرها، وفي رواية يصدق الغلام أيضا وهي الأصح لأن الاحتلام يعرفه غيره كالحيض ولذلك إذا قال احتلمت في حال إشكال أمره يصدق فيما له وفيما عليه لأنه أخبر بخبر يحتمل الصدق والكذب فيصدق كالجارية اه‍. ولم أر صريحا أن المرأة إذا قبل قولها في حقها في الحيض والمحبة فهل يكون بيمينها أو بلا يمين. ووقع في الوقاية أنه قال صدقت في حقها خاصة وظاهره أنه لا يمين عليها ويدل عليه قولهم إن الطلاق معلق بإخبارها وقد وجد ولا فائدة في التحليف لأنه وقع
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست