البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٣
أولا ثم يعدها ثم يعطيها لأنه شرط في العطية الوعد وفي الوعد السؤال فكأنه قال إن سألتيني إن وعدتك إن أعطيتك، كذا في فتح القدير. وهذا إذا لم يكن الشرط الثاني مترتبا على الأول عادة، فإن كان كذلك كان كل شرط في موضعه نحو إن أكلت إن شربت فأنت كذا كان الاكل مقدما والشرب مؤخرا حتى إذا شرب ثم أكل لم يعتق وإن أكل ثم شرب عتق. ولو قال إن شربت إن أكلت يؤخر الشرط الأول، ولو قال إن دعوتني إن أجبتك يقر كل شرط في موضعه، ولو قال إن أجبتك إن دعوتني تؤخر الإجابة، ولو قال إن لبست طيلسانا إن أتيتني يقر كل في موضعه، ولو قال إن أتيتني إن لبست طيلسانا يؤخر الاتيان، ولو قال إن ركبت الدابة إن أتيتني يقر كل في موضعه بخلاف إن أتيتني إن ركبت الدابة لأنهما متى كانا مرتبين عرفا أضمرت كلمة ثم وإذا لم يكونا مرتبين عرفا لم يثبت العطف بينهما لا عرفا ولا ذكرا، فمتى أقر كل شرط في موضعه لا يتصل الجزاء بأحد الشرطين ا ه‍. كذا في المحيط: وفي البزازية وفي الفارسية: المقدم مقدم والمؤخر مؤخر وعليه الاعتماد. وذكر القاضي في تفسيره أن قوله * (ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم) * شرط ودليل جواب والجملة دليل جواب قوله تعالى * (إن كان الله يريد أن يغويكم) * تقدير الكلام إن كان الله يريد أن يغويكم فإن أردت أن أنصح لكم لا ينفعكم نصحي ا ه‍. وجعل في فتح القدير من هذا القبيل قوله تعالى * (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها) * [الأحزاب: 05] قال: فالمعنى إن أراد أن ينكح مؤمنة وهبت نفسها فقد أحللناها ا ه‍. وذكر القاضي أن قوله تعالى * (إن أراد النبي) * شرط للشرط الأول في استيجاب الحل فإن وهبتها نفسها منه لا توجب له حلا إلا بإرادته نكاحها فإنها جارية مجرى القبول ا ه‍. فلم تكن من هذا القبيل. وفي المعراج: إنها محتملة للامرين فإن إرادة النبي متأخرة فإنها كالقبول، ويحتمل تقدم إرادة النبي فإذا فهمت ذلك وهبت نفسها له ا ه‍.
وذكر في المحيط أنها على ثلاثة أوجه: أحدها إذا أخر الجزاء عن الشرطين، والثاني إذا قدمه، والثالث إذا وسطه. أما الأول والثاني فعلى التقديم والتأخير، وأما الثالث فيقر كل شرط في موضعه ولا يكون من المسائل المعترضة لأنه لا حاجة إلى التقديم والتأخير لأنه تخلل الجزاء بين الشرطين بحرف الوصل وهو الفاء فيكون الأول شرطا لانعقاد اليمين والثاني شرط الحنث ا ه‍. وكذا في البدائع في مسألة توسط الجزاء فقال: لو قال لامرأته إذا دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت فلانا يشترط قيام الملك عند وجود الشرط الأول وهو الدخول لأنه جعل الدخول شرط انعقاد اليمين كأنه قال عند الدخول إن كلمت فلانا فأنت طالق واليمين لا تنعقد إلا في الملك ومضافة إلى الملك، فإن كانت في ملكه عند دخول الدار صحت اليمين المتعلقة بالكلام، فإذا كلمت يقع وإن لم تكن في ملكه عند الدخول بأن طلقها وانقضت عدتها ثم دخلت لم يصح التعليق وإن كلمت، وإن طلقها بعد الدخول ثم دخلت في العدة
(٥٣)
مفاتيح البحث: الأكل (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست