البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٦٣
والام لا تملك ولكن بعد ما باع الأب فالثمن يصرف إليهما في نفقتهما اه‍. واحترز بالأب أيضا عن القاضي لأنه ليس له البيع عند الكل لا في العروض ولا في العقار لا في النفقة ولا في سائر الديون، يريد به إذا لم يكن السبب معلوما للحاكم، وإن كان معلوما ولكن حاجة الأب لم تكن معلومة أو إن كانت معلومة إلا أنه يحتمل أن الابن أعطاها النفقة، وفي هذه الوجوه كلها لا يبيع لأنه لو باع القاضي وصرف الثمن إليه لا يكون ذلك الثمن مضمونا عليه لأنه قبض بأمر القاضي فيتضرر به الغائب فلذا لا يبيعه القاضي ولكن يفوض الامر إلى الأب ويقول له إن كنت صادقا فيما تدعي وإلا فلا آمرك بشئ، وهو على هذا الوجه لا يتضرر الغائب اه‍.
قوله: (ولو أنفق مودعه على أبويه بلا أمر ضمن) أي المودع ما أنفقه لأنه تصرف في مال الغير بلا ولاية ولا نيابة لأنه نائب عنه في الحفظ لا غير. والمودع ليس بقيد لأن مديون الغائب كذلك كما في الولوالجية. والأبوان ليسا بقيد بل الانفاق على الزوجة بلا أمر كذلك كما في الخانية من كتاب الوديعة، وكذا على الأولاد. وقيد بكونه بلا أمر لأنه لو كان بأمر الغائب فلا إشكال، وكذا إذا كان بأمر القاضي لأن أمره ملزم لعموم ولايته ولا يقال إنه قضاء على الغائب ولا يجوز لأنا نقول نفقة هؤلاء واجبة قبل القضاء وقضاؤه إعانة لهم فحسب، كذا في غاية البيان. وعند أمر القاضي لا فرق بين الأبوين والأولاد الصغار والزوجة كما تقدم في قوله وفرض لزوجة الغائب إلى آخره. وأشار المصنف إلى أن المودع لو قضى دين المودع بالوديعة فإنه يكون ضامنا ولم يضمنه الحاكم أبو إسحاق، والصحيح الضمان كما أشار إليه محمد في كتاب الوديعة، كذا في الذخيرة. وأطلقه فظاهره أنه ولو كان بأمر القاضي لأن الامر هنا بقضاء الدين قضاء على الغائب وهو لا يجوز بخلاف الامر بالانفاق كما قدمنا الفرق. وإنما عبر المصنف بالضمان دون الحرمة لأنه إنما يضمن في القضاء، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فلا ضمان عليه. ولو مات الغائب حل له أن يحلف لورثته أنهم ليس لهم عليه حق لأنه لم يرد بذلك غير الاصلاح، كذا في فتح القدير. وأطلق المصنف في الضمان فشمل ما إذا أمكن استطلاع رأي القاضي أولا لكن نقلوا عن النوادر أنه مقيد بما إذا أمكن أما إذا لم يكن فلا ضمان استحسانا. قال في الذخيرة: وكذلك قال مشايخنا في رجلين كانا في سفر فأغمى على أحدهما فأنفق الآخر على المغمي عليه من مال المغمى عليه لم يضمن استحسانا، وكذا إذا مات فجهزه صاحبه من ماله لم يضمن استحسانا، وكذا العبد المأذون في التجارة إذا مات مولاه فأنفق في الطريق لم يضمن، وكذا روي عن مشايخ بلخ إذا كان للمسجد أوقاف ولم يكن لها متول فقام واحد من أهل المحلة في جميع الأوقاف وأنفق على المسجد فيما يحتاج إليه من الحصر والحشيش لا يضمن استحسانا فيما بينه وبين الله تعالى. وحكي عن محمد أنه مات واحد من تلامذته فباع محمد كتبه وأنفق في تجهيزه
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست