البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٦٥
رضا. فأما نفقة سائر الأقارب لا تجب إلا بالقضاء أو الرضا حتى لو ظفروا واحد من الأقارب بجنس حقه لم يكن له الاخذ إلا بقضاء أو رضا، ولذا يفرض القاضي في مال الغائب نفقة الأولين فقط اه‍. قوله: (ولو قضى بنفقة الولاد والقريب ومضت مدة سقطت) لأن نفقة هؤلاء تجب كفاية للحاجة حتى لا تجب مع اليسار وقد حصلت الكفاية بمضي المدة بخلاف نفقة الزوجة إذا قضى بها القاضي لأنها تجب مع يسارها فلا تسقط بحصول الاستغناء فيما مضى ولم أر من صرح بأنه يأثم ومقتضى وجوبها أنه يأثم بتركها إذا طلبها صاحبها وامتنع مع أنهم قالوا إنها لا تجب إلا بالقضاء أو الرضا كما قدمناه عن الذخيرة، ولذا ليس لمن هي له أن يأخذها بغير قضاء ولا رضا. وصرح الخصاف في أدب القاضي بأنها لا تجب إلا بالقضاء للاختلاف فيها. واستشكله السروجي في الغاية من حيث إنهم جعلوا القاضي نفسه هو الذي أوجب هذه النفقة والقاضي ليس بمشرع وما ذاك إلا للنبي صلى الله عليه وسلم وانقطع من بعده فهو مشكل جدا. وتبعه على ذلك الطرسوسي في أنفع الوسائل وقال: لم لا؟ قيل: إن الوجوب يثبت بقوله تعالى: * (وعلى الوارث مثل ذلك) * [البقرة: 332] فقضاء القاضي إعانة له كما في نفقة الأولاد، كيف وإنهم قد استدلوا في أصل المسألة بهذه الآية على وجوب نفقة القريب وكلمة علي للايجاب ولا يعكر على هذا اختلاف العلماء لأن المسائل الاختلافية يعمل فيها على الاختلاف ولا يكون الاختلاف مؤثرا في عدم القبول فإن ذلك كان واجبا قبل القضاء كما قلنا في نفقة المبتوتة أنه يقضي بها باعتبار أنها ثابتة قبل القضاء والقضاء إعانة لا أن تعيين القاضي مثبت لها، وكذا بقية المسائل الخلافية، ولم يظهر لي الموجب لفرارهم من
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»
الفهرست