البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٥٠
إذا كان الأب كسوبا لأنه غني باعتبار الكسب فلا ضرورة في إيجاب النفقة على الغير، وإذا كان الابن قادرا على الكسب لا تجب نفقته على الأب فلو كان كل منهما كسوبا يجب أن يكتسب الابن وينفق على الأب، فالمعتبر في إيجاب نفقة الوالدين مجرد الفقر. قيل: هو ظاهر الرواية لأن معنى الأذى في إيكاله إلى الكد والتعب أكثر منه في التأفيف المحرم بقوله تعالى * (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما) * [الاسراء: 32] كذا في فتح القدير. والقائل بأنه ظاهر الرواية صاحب الذخيرة، والضمير في قوله ولأبويه يعود إلى الانسان المفهوم فأفاد بإطلاقه أنه لا فرق بين الذكر والأنثى. وفي الهداية: وهي على الذكور والإناث بالسوية في ظاهر الرواية وهو الصحيح لأن المعنى يشملهما اه‍. وفي الخلاصة وبه يفتى. وفي فتح القدير:
وهو الحق لتعلق الوجوب بالولادة وهو يشملهما بالسوية بخلاف غير الولاد لأن الوجوب علق فيه بالإرث اه‍. وفي الخانية: فإن كان للفقير ابنان أحدهما فائق في الغنى والآخر يملك نصابا كانت النفقة عليهما على السواء، وكذا لو كان أحدهما مسلما والآخر ذميا فهي عليهما على السواء اه‍.
وذكر في الذخيرة فيه اختلافا وعزاما في الخانية إلى مبسوط محمد، ونقل عن الحلواني أنه قال قال مشايخنا: هذا إذا تفاوتا في اليسار تفاوتا يسيرا، أما إذا تفاوتا فيه تفاوتا فاحشا يجب أن يتفاوتا في قدر النفقة. وأشار بقوله ولأبويه إلى أن جميع ما وجب للمرأة يجب للأب والام على الولد من طعام وشراب وكسوة وسكنى حتى الخادم. قال في الخانية: وكما يجب على الابن الموسر نفقة والده الفقير تجب عليه نفقة خادم الأب، امرأة كانت الخادم أو جارية، إذا كان الأب محتاجا إلى من يخدمه اه‍. وفي الخلاصة: يجبر الابن على نفقة زوجة أبيه ولا يجبر الأب على نفقة زوجة ابنه. وفي نفقات الحلواني قال: فيه روايتان، في رواية كما قلناه، وفي رواية إنما تجب نفقة زوجة الأب إذا كان الأب مريضا أو به زمانة يحتاج إلى الخدمة، أما إذا كان صحيحا فلا. قال في المحيط: فعلى هذا لا فرق بين الأب والابن فإن الابن إذا كان بهذه المثابة يجبر الأب على نفقة خادمه اه‍. وظاهر ما في الذخيرة أن المذهب
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»
الفهرست