البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٧٥
بالتمليك من جنس آخر أولى. وعندهما يجوز لأن العتق عندهما لا يتجزى فصار معتقا للكل وكان متبرعا بالاطعام، كذا في المحيط. ولو حرر عبدين بينه وبين غيره لم يجز عن الكفارة لأن الواجب تحرير رقبة واحدة وتخليصها عن الرق وهو ما حرر رقبة واحدة ولم يصرف العتق إلى شخص بل حرر نصفا من كل رقبة كما لو فرق طعام مسكين على اثنين، ولو كان شاتان بين رجلين فذبحاهما عن نسكهما أجزأهما لأن الاشتراك في النسك جائز، ألا ترى أنه تجزئ البدنة عن سبعة فكان المعتبر في باب النسك مقدار الشاة وقد وجد، كذا في المحيط أيضا.
وخرج بقوله حرر باقيه ما إذا لم يحرر باقيه أصلا فإعتاق النصف لا يكفي عنها عنده، وعندهما لما أعتق النصف عتق الكل بلا سعاية فأجزأ عن الكفارة، كذا في الكافي.
قوله: (وإن حرر نصف عبد مشترك وضمن باقيه أو حرر نصف عبده ثم وطئ التي ظاهر منها ثم حرر باقيه لا) أي لا يجزيه عن الكفارة، أما الأول فلان نصيب صاحبه قد انتقص على ملكه لتعذر باقيه لاستدامة الرق فيه ثم يتحول إليه بالضمان ومثله يمنع الكفارة كالتدبير. والمراد بضمان القيمة إعتاق النصف الآخر بعد التضمين وإلا فمجرد الضمان لا يكفي لوضع المسألة، ودل كلامه على أنه لو كان معسرا وسعى العبد في بقية قيمته حتى عتق كله لا يجزيه عنها بالأولى، وهذا عند الإمام، وأما عندهما إن كان المعتق موسرا ضمن قيمة نصيب شريكه أجزأه عنها لأنه عتق كله بإعتاق البعض، وإن كان معسرا لا يجزئه والخلاف مبنى على تجزء الاعتاق وعدمه. وبما قررناه علم أن المعتق إذا كان معسكرا لم يجز اتفاقا لأنه عتق بعوض وإن لم يكن البدل حاصلا للمعتق بل لشريكه لأن المانع أن يلزم العبد بدل في مقابلة تحرير رقبته. وفي الكافي: فإن قيل المضمونات تملك عند أداء الضمان مستندا إلى وقت وجود السبب فصار نصيب الساكت ملكا للمعتق زمان الاعتاق فكان النقصان في ملكه لا في ملك شريكه. قلنا: الملك في المضمون يثبت بصفة الاستناد في حق الضامن والمضمون له لا في حق غيرهما فتمكن النقصان في نصيب الساكت في حق غيرهما والكفارة غيرهما فلم تجز ا ه‍. والحاصل أن النقصان إن كان على ملك المعتق أجزأه، وإن كان على ملك غيره لا يجزئه. وفي فتح القدير: إن التعييب ضرورة إقامة المأمور به ليس كالتعييب بصنعه مختارا حتى إنه لو فقأ عين الشاة مختارا عند الذبح نقول لا يجزئه فكان المشترك أولى بالاجزاء من العبد المختص لأن مالك النصف لا يقدر على عتقه إلا بطريق عتق نصفه فحاله أشبه بذابح الشاة من مالكه على الكمال. وجوابه أن المعنى أنه حصل بسبب إقامة الواجب وهذا القدر كاف
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست