البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٧٢
جنس المنفعة ولم يعتبروا كمال الزينة واعتبروه في الديات فألزموا بقطع الاذنين الشاخصتين تمام الدية وجوزوا هنا عتق مقطوعهما إذا كان السمع باقيا، ومثله فيمن حلقت لحيته فلم تنبت لفساد المنبت. والفرق بين البابين أن كمال الزاينة مقصود في الحر فباعتبار فواته يصير الحر هالكا من وجه وزائد على ما يطلب من المماليك فباعتبار فواته لا يصير المرقوق هالكا من وجه، كذا في فتح القدير. فإن قلت: إن جنس المنفعة فات في الخصي والمجبوب لأنه لا مني فلا نسل لهما قلت قال في المحيط: إنه لم يفت خروج البول ولان منفعة النسل عائدة إلى العبد لا منفعة للمولى في كون عبده فحلا بل ازدادت قيمته في حق المولى بالخصي والجب فلم تصر الرقبة هالكة من وجه. وفي الولوالجية: إن منفعة النسل زائدة على ما يطلب من المماليك. وها هنا فرع حسن من الخانية من كتاب الوكالة: رجل وكل رجلا وقال اشتر لي جارية بكذا أعتقها عن ظهاري فاشترى عمياء أو مقطوعة اليدين أو الرجلين ولم يعلم بذلك لزم الآمر وكان له أن يرد ولو علم الوكيل بذلك لا يلزم الآمر اه‍. قوله: (والمدبر وأم الولد) أي لا يجوز تحريرهما عن الكفارة لاستحقاقهما الحرية بجهة فكان الرق فيهما ناقصا والاعتاق عن الكفارة يعتمد كمال الرق كالبيع فلذا لا يجوز بيعهما، والمكاتب لما كان الرق فيه كاملا جاز إعتاقه عن الكفارة حيث لم يؤد شيئا، ولا عبرة هنا بكمال الملك ونقصانه وإنما لم يستلزم نقصان الملك نقصان الرق لأن محل الملك أعم من محل الرق لأن الملك يثبت في الأمتعة وغير الآدمي دون الرق وبالبيع يزول الملك دون الرق والاعتاق يزيلهما. وإنما عتق المدبر وأم الولد بقوله كل مملوك أملكه فهو حر دون المكاتب لأن هذه اليمين تقتضي ملكا كاملا لا رقا كاملا والملك فيهما كامل حتى ملك إكسابهما واستخدامها، ووطئ المدبرة وأم الولد والملك في المكاتب ناقص لأنه ملك نفسه يدا ولذا لا يملك المولى كسبه ويحرم عليه وطئ مكاتبته.
والحاصل أن جواز البيع والاعتاق عن الكفارة يعتمد كمال الرق فجاز بيع المكاتب برضاه وإعتاقه عنها وانعكس فيهما، وحل الوطئ يعتمد كمال الملك فحرم في المكاتب وانعكس فيهما.
قوله: (والمكاتب الذي أدى شيئا) أي لا يجوز تحريره عنها لأنه تحرير بعوض، وذكر في الاختيار أن السيد لو أبرأه عن بدل الكتابة أو وهبه عتق فلو قال لا أقبل صح عتقه ولم يبرأ من بدل الكتابة فينبغي أن لا يجزئ عن الكفارة لأنه عتق ببدل كما لا يخفى. وروى الحسن
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست