بالشرط والطلاق يصح تعليقه وقد استمر على سهوه هذا. ولو قال إنه يمكن مثله في التوكيل بالطلاق لكان صحيحا لأن التعليق المستخرج يمكن فيه على معنى إن طلقتها فهي طالق مع أنه يصح الرجوع عنه. وأما التوكيل بالبيع والولايات فلا دخل لها والله سبحانه وتعالى هو الموفق للصواب. وقد ظهر لي الفرق بين طلقي وأبرئ ذمتك وهو أنهما وإن اشتركا في العمل للنفس بتملكها نفسها وبراءة ذمته وللغير بامتثال أمر الزوج والدائن ولكن لما كان الطلاق محظورا في الجملة وهو أبغض المباحات عند الله تعالى كما في الحديث، لم يكن مقصود الزوج إلا أن تكون عاملة لنفسها قصدا، ولهذا قالوا: لا يكره التفويض وهي حائض. ولما كان الابراء عن الدين مستحبا سببا للثواب لم يكن مقصوده إلا أن يكون المديون عاملا له لا لنفسه ليحصل الثواب له على فعل المستحب قصدا لا ضمنا. ومن العجب ما ذكره الشارح الزيلعي في الوكالة عند قوله وبطل توكيله الكفيل بمال أن قول الدائن أبرئ ذمتك تمليك لا توكيل كما لو قال لها طلقي نفسك فإنه يلزم عليه تقييده بالمجلس وعدم صحة الرجوع عنه والمنقول خلافه. ومن العجب ما في معراج الدراية في فصل الاختيار أنه لا يلزم من كونه تمليكا أن لا يصح الرجوع عنه لانتقاضه بالهبة فإنه تمليك ويصح الرجوع عنها فإنه على تقدير التسليم يلزم عليه التقييد بالمجلس، وقدمنا أنه لو أمره بإبراء نفسه لا يتقيد بالمجلس. وذكر الفارسي في شرح التلخيص أن الفرق أن الطلاق والعتاق مما يقبل التعليق بالشرط فكان التفويض فيهما تمليكا لا توكيلا محضا فاقتصر على المجلس والطلاق والعتاق مما يحلف به فكان يمينا فلم يمكن الرجوع عنه بخلاف التفويض في الابراء وأخواته فإنها لا تقبل التعليق بالشرط فكان توكيلا محضا فلم تقتصر على المجلس وأمكن الرجوع عنه اه. وفي الخانية من كتاب الوكالة: امرأة قالت لزوجها إذا جاء غد فاخلعني على ألف درهم كان ذلك توكيلا حتى لو نهته عن ذلك صح نهيها، وكذلك إذا قال العبد لمولاه إذا جاء غد فأعتقني على ألف درهم اه. وفي كافي الحاكم: إذا وكل الرجل امرأته بخلع نفسها فخلعت نفسها منه بمال أو عرض فإن ذلك لا يجوز إلا أن يرضى، وهذا بمنزلة البيع في هذا الوجه. ولو قال لامرأته اشتر طلاقك مني بما شئت وقد وكلتك بذلك فقالت قد اشتريته بكذا كذا كان باطلا، ولو قال لها اخلعي نفسك مني بكذا كذا ففعلت ذلك كان جائزا ولا يشبه الطلاق بمال الذي يخلع بغير مال اه. وفي البزازية. من الخلع: اشتر نفسك مني فقالت اشتريت لا يقع ما لم يقل بعت، ولو قال اخلعي نفسك مني فقالت خلعت وقع بلا قبوله. قوله: (وتقيد بمجلسها إلا إذا زاد متى شئت) لما قدمنا أنه تمليك
(٥٦٩)