الحج قبل الوقوف بجامع حصوله قبل إدراك الركن فيهما ويمضي في فاسدها كما يمضي في صحيحها ويلزمه قضاؤها قوله: (أو بعد طواف الأكثر ولا فساد) أي لو جامع بعد ما طاف أربعة أشواط لزمه شاة ولا تفسد عمرته لأنه أتى بالركن فصار كالجماع بعد الوقوف. وإنما لم تجب بدنة كما في الحج إظهارا للتفاوت بين الفرض والسنة. كذا في الهداية وغيرها. وقد يقال: إنه يتم في حجة الاسلام، أما في غيرها فلا فرق بين الحج والعمرة لأن كلا منهما نفل قبل الشروع واجب بعده اللهم إلا أن يقال: نفل الحج أقوى من نفل العمرة. والفرق بينهما بأن الجماع في الحج بعد الوقوف يكون قبل أداء بقية أركان الحج لأنه بقي الطواف وهو ركن فتغلظت الجناية فتغلظ الجزاء بخلافه بعد طواف الأكثر في العمرة فإنه لم يبق عليه إلا الواجبات لا يصح لأنه يقتضي وجوب البدنة لو جامع قبل طواف الأكثر وليس كذلك.
وشمل قوله بعد طواف الأكثر ما إذا طاف الباقي وسعى بين الصفا والمروة أولا لكن بشرط أن يكون قبل الحلق وتركه للعلم به لأن بالحلق يخرج عن إحرامها بالكلية بخلاف إحرام الحج، ولما بين المصنف حكم المفرد بالحج والمفرد بالعمرة علم منه حكم القارن والمتمتع قوله: (وجماع الناسي كالعامد) يعني في جميع ما ذكرنا من أحكام الجنايات فيفسد حجه لو جامع ناسيا قبل الوقوف. وحاصل ما ذكره الأصوليون أن النسيان لا ينافي الوجوب لكمال العقل وليس عذرا في حقوق العباد. وفي حقوق الله تعالى عذر في سقوط الاثم، أما الحكم فإن كان مع مذكر ولا داعي إليه كأكل المصلي وجناية المحرم لم يسقط بتقصيره بخلاف سلامه في القعدة، وإن كان ليس مع مذكر مع داع إليه سقط كأكل الصائم، وإن لم يكن معهما فكذلك بالأولى كترك الذابح التسمية انتهى. وقد قدمنا أن الجاهل والعالم والمختار والمكره والنائم والمستيقظ سواء لحصول الارتفاق قوله: (أو طاف للركن محدثا) أي يلزمه شاة لترك الطهارة لأنه أدخل نقصا في الركن فصار كترك شوط منه. وظاهر كلام غاية البيان أن الدم واجب اتفاقا، أما على القول بوجوبها وهو الأصح فظاهر، وأما على القول بسنيتها فلانه لا يمتنع أن تكون سنة ويجب بتركها الكفارة ولهذا قال محمد فيمن أفاض من عرفة قبل الإمام يجب عليه دم لأنه ترك سنة الدفع ا ه. وبهذا علم أن الخلف لفظي لا ثمرة له. وإنما كانت الطهارة واجبة لما ثبت في الصحيحين عن عائشة أنها حاضت فقال لها عليه السلام: اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت. رتب منع الطواف على انتفاء الطهارة وهذا حكم وسبب، وظاهره أن الحكم يتعلق بالسبب فيكون المنع لعدم الطهارة لا لعدم دخول المسجد.