البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٩
الطيب باعتبار أنه يلقى فيه الأنوار كالورد والبنفسج فيصير نفسه طيبا ولا يخلو عن نوع طيب ويقتل الهوام ويلين الشعر ويزيل التفث والشعث. وأراد بالزيت دهن الزيتون والسمسم وهو المسمى بالشيرج فخرج بقية الادهان كالشحم والسمن، وقيد بالادهان لأنه لو أكله أو داوى به شقوق رجليه أو أقطر في أذنه لا يجب دم ولا صدقة بخلاف المسك والعنبر والغالية والكافور ونحوها حيث يلزم الجزاء بالاستعمال على وجه التداوي لكنه يتخير إذا كان لعذر كما سيأتي، وكذا إذا أكل الكثير من الطيب وهو ما يلتزق بأكثر فمه فعليه الدم. قال في فتح القدير: وهذه تشهد لعدم اعتبار العضو مطلقا في لزوم الدم بل ذاك إذا لم يبلغ مبلغ الكثرة في نفسه على ما قدمناه، وقد قدمنا عن قاضيخان أنه لو خلط الطيب بطعام من غير طبخ فالعبرة للغالب، فإن كان الطيب مغلوبا فلا شئ أصلا، زاد بعضهم إلا أنه يكره إذا كان رائحته توجد فيه، وإن كان غالبا فهو كالخالص، وهكذا في المحيط وغيره. وقالوا: ولو خلطه بمشروب وهو غالب ففيه الدم، وإن كان مغلوبا فصدقة إلا أن يشرب مرارا فدم، فإن كان للتداوي خير. وينبغي أن يسوي بين المأكول والمشروب المخلوط كل منهما بطيب مغلوب، إما بعدم شئ أصلا كما هو الحكم في المأكول أو بوجوب الصدقة فيهما كما هو الحكم في المشروب. وما فرق به في المحيط من أن الطيب مما يقصد شربه فإذا خلطه بمشروب لم يصر تبعا لمشروب. وما فرق به في المحيط من أن الطيب مما يقصد شربه فإذا خلط بمشروب لم يصر تبعا لمشروب مثله إلا أن يكون المشروب غالبا كما لو خلط اللبن بالماء فشربه الصبي تثبت حرمة الرضاع إلا أن يكون الماء غالبا بخلاف أكله فإنه ليس مما يقصد عادة، فإذا خلط بالطعام صار تبعا للطعام وسقط حكمه، ففيه نظر من وجهين: الأول أن من الطيب ما يقصد أكلا إذا كان من المأكولات للمعنى القائم به وهو الطيبية إما مداواة أو تنعما منفردا أو مخلوطا كما يقصد شربا. الثاني أن القصد من هذا الباب ليس بشرط لأن
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست