البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٨٧
(النساء: 3) بخلاف الجمع من السراري فإنه لا قسم بينهن مع أنهم قالوا: إذا ترك التزوج على امرأته كيلا يدخل الغم على زوجته التي عنده كان مأجورا مع أنه لا ينبغي اللوم على شئ من ذلك لقوله تعالى * (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) * (المؤمنون: 5) قوله: (واثنتين للعبد) أي رجل تزوج اثنتين له حرتين كانتا أو أمتين، ولا يجوز أكثر منه في النكاح لاجماع الصحابة، ولان الرق منصف نعمة وعقوبة. أطلق في العبد فشمل المدبر والمكاتب، وقيد بالتزوج لأنه لا يحل له التسري ولا أن يسريه مولاه. ولا يملك المكاتب والعبد شيئا إلا الطلاق. ذكره الأسبيجابي. وحاصله أن الحل منحصر في عقد النكاح وملك اليمين ولم يكن الثاني للعبد لأنه لا يملك وإن ملك فانحصر حله في عقد النكاح.
قوله (وحبلى من زنا لا من غيره) أي وحل تزويج الحبلى من الزنا ولا يجوز تزوج الحبلى من غير الزنا. أما الأول فهو قولهما. وقال أبو يوسف: هو فاسد قياسا على الثاني وهي الحبلى من غيره، فإن تزوجها لا يصح إجماعا لحرمة الحمل، وهذا الحمل محترم لأنه لا حناية منه ولهذا لم يجر إسقاطه. ولهما أنهما من المحللات بالنص وحرمة الوطئ كيلا لا يسقي ماءه زرع غيره والامتناع في ثابت النسب لحق صاحب الماء ولا حرمة للزاني. ومحل الخلاف تزوج غير الزاني، أما تزوج الزاني لها فجائز اتفاقا وتستحق النفقة عند الكل ويحل وطؤها عند الكل كما في النهاية. وقيد بالتزوج لأن وطأها حرام اتفاقا للحديث من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يستقين ماءه زرع غيره (1) فإن قيل: فم الرحم ينسد بالحبل فكيف يكون سقى زرع غيره؟ قلنا: شعره ينبت من ماء الغير. كذا في المعراج. وحكم الدواعي على قولهما كالوطئ كما في النهاية. وذكر التمرتاشي أنها لا نفقة لها، وقيل لها ذلك والأول أوجه لأن المانع من الوطئ من جهتها بخلاف الحيض فإنه سماوي. كذا في فتح القدير. وأطلق في قوله لا من غيره فشمل الحامل من حربي كالمهاجرة والمسبية، وروي عن أبي حنيفة صحة العقد كالحامل من الزنا، وصحح الشارح المنع وهو المعتمد. وفي فتح القدير: إنه ظاهر المذهب. وشمل أم الولد فلو زوج أم ولده وهي حامل منه فالنكاح باطل لأنها فراش لمولاها حيث يثبت نسب ولدها منه من غير دعوى، فلو صح النكاح لحصل الجمع بين الفراشين إلا أنه غير متأكد حتى ينتفي الولد بالنفي من غير لعان فلا يعتبر ما لم يتصل به الحمل. كذا في
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست