البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٨٦
بائن فإنه لا يجوز إجماعا. والفرق لهما أن الممنوع في تلك الجمع وقد وجد وهنا الممنوع الادخال عليها لتنقيصها إلا الجمع والادخال للتنقيص ليس بموجود في المبانة. وقال الإمام:
إنه حرام لأن نكاح الحرة باق من وجه لبقاء بعض الأحكام فبقي المنع احتياطا بخلاف اليمين لأن المقصود أن لا يدخل غيرها في قسمها. كذا في الهداية. وظاهره أنه لو حلف لا يتزوج عليها فطلقها رجيعا ثم تزوج وهي في العدة لا يحنث أيضا لأنه لا قسم لها كالمبانة. ذكره في البدائع لكن علله في فتح القدير بأن العرف لا يسمى متزوجا عليها بعد الإبانة وهو يفيد الحنث في الرجعي وهو الظاهر، لأن النكاح قائم فيه من كل وجه. أطلق في الأمة فشمل المدبرة وأم الولد والمكاتبة لأنها كما في الصحاح خلاف الحرة، وقيدنا نكاح الحرة بالصحيح لأن نكاحها الفاسد ولو في العدة والمعتدة عن وطئ بشبهة لا يمنع نكاح الأمة لعدم اعتباره.
قوله: (وأربع من الحرائر والإماء) أي وحل تزوج أربع لا أكثر لقوله تعالى * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) * (النساء: 3) اتفق عليه الأئمة الأربعة وجمهور المسلمين، ولا اعتبار بخلاف الروافض، ولا حاجة إلى الإطالة في الرد عليهم. قال القاضي البيضاوي: مثنى وثلاث ورباع معدولة عن أعداد مكررة هي ثنتين ثنتين، وثلاث ثلاث، وأربع أربع، وهي غير منصرفة للعدل والصفة فإنها بنيت صفات وإن كانت أصولها لم تبين لها. وقيل: لتكرار العدل فإنها معدولة باعتبار الصيغة والتكرير منصوبة على الحال من فاعل طاب، ومعناها الاذن لكل ناكح يريد الجمع أن ينكح ما شاء من العدد المذكورين متفقين ومختلفين كقوله: اقتسموا هذه البدرة درهمين درهمين، وثلاثة ثلاثة، ولو أفرد كان المعنى تجويز الجمع بين هذه الاعداد دون التوزيع، ولو ذكرت ب‍ " أو " لذهب تجويز الاختلاف في العدد ا ه‍. وفي فتح القدير: وحاصل الحال أن حل الواحدة كان معلوما وهذه الآية لبيان حل الزائد عليها إلى حد معين مع بيان التخيير بين الجمع والتفريق في ذلك. وإنما كان العدد في الآية مانعا من الزيادة وإن كان من حيث هو عدد لا يمنعها لوقوعه حالا قيدا في الاحلال. قيد بالتزوج لأن له التسري بما شاء من الإماء لاطلاق قوله تعالى * (أو ما ملكت أيمانكم) * (النساء: 3) وفي الفتاوى: رجل له أربع نسوة وألف جارية وأراد أن يشتري جارية أخرى فلامه رجل يخاف عليه الكفر ا ه‍. ولم أر حكم ما إذا أراد أن يتزوج على امرأته الأخرى فلامه رجل وينبغي أن لا يخاف عليه الكفر لما أن في تزوج الجمع من النساء مشقة شديدة بسبب وجوب العدل بينهن، ولذا قال تعالى * (فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة) *
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست