البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٨٣
عما يشركون) * (يونس: 18) المراد مطلق الشرك، وكذا في قوله تعالى * (إن الله لا يغفر أن يشرك به) * (النساء: 116) فيتناول جميع الكفار. وفي قوله * (ولا تنكحوا المشركات) * ( البقرة: 221) المراد به المشرك ظاهرا وباطنا وهو الوثني فلا يتناول أهل الكتاب والمنافقين ا ه‍. وأطلقه أيضا فشمل الكتابية الحرة والأئمة، واتفق الأمة الأربعة على حل الحرة واختلفوا في حل الأمة كما سيأتي. هذا والأولى أن لا يتزوج كتابية ولا يأكل ذبائحهم إلا لضرورة.
وفي المحيط: يكره تزوج الكتابية الحربية لأن الانسان لا يأمن أن يكون بينهما ولد فينشأ على طبائع أهل الحرب ويتخلق بأخلاقهم فلا يستطيع المسلم قلعه عن تلك العادة ا ه‍. والظاهر أنها كراهة تنزية لأن التحريمية لا بد لها من نهي أو ما في معناه لأنها في رتبة الواجب. وفي الخانية: تزوج الحربية مكروه فإن خرج بها إلى دار الاسلام بقي النكاح ا ه‍. وأشار المصنف إلى أنه يحل وطئ الكتابية بملك اليمين وسيأتي أن الكتابية إذا تمجست فإنه ينفسخ نكاحها من المسلم بخلاف اليهودية إذا تنصرت أو عكسه. وذكر الأسبيجابي أن للمسلم منع الذمية إذا تزوجها من الخروج إلى الكنائس والبيع وليس له إجبارها على الغسل من الحيض والجناية.
وفي الخانية من فصل الجزية من السير: مسلم له امرأة ذمية ليس له أن يمنعها من شرب الخمر لأن شرب الخمر حلال عندها وله أن يمنعها عن اتخاذ الخمر في المنزل ا ه‍. وهو مشكل لأنه وإن كان حلالا عندها لكن رائحتها تضره فله منعها كمنع المسلمة من أكل الثوم والبصل ولذا قال الكركي في الفيض قبيل باب التيمم: إن المسلم له أن يمنع زوجته الذمية من شرب الخمر كالمسلمة لو أكلت الثوم والبصل وكان زوجها يكره ذلك له أن يمنعها ا ه‍.
وهذا هو الحق كما لا يخفى.
قوله: (والصابئة) أي وحل تزوجها. أطلقه وقيده في الهداية بقوله: إن كانوا يؤمنون بدين نبي ويقرون بكتاب الله لأنهم من أهل الكتاب وإن كانوا يعبدون الكواكب ولا كتاب لهم لم تجز مناكحتهم لأنهم مشركون، والخلاف المنقول فيه محمول على اشتباه مذهبهم فكل أجاب على ما وقع عنده وعلى هذا حل ذبيحتهم ا ه‍. وصححه أيضا في غاية البيان وغيره من أنه لا خلاف بينهم في الحقيقة لكن ظاهر الهداية أن منع مناكحتهم مقيد بقيدين: عبادة الكواكب وعدم الكتاب. فلو كانوا يعبدون الكواكب ولهم كتاب تجوز مناكحتهم وهو قول بعض المشايخ زعموا أن عبادة الكواكب لا تخرجهم عن كونهم أهل الكتاب، والصحيح أنهم إن كانوا يعبدونها حقيقة فليسوا أهل كتاب، وإن كانوا يعظمونها كتعظيم المسلمين للكعبة فهم
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست