البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٩٨
كما في فتح القدير. وأراد بالسكوت السكوت عن الرد لا مطلق السكوت لأنه لو بلغها الخبر فتكلمت بكلام أجنبي فهو سكوت هنا فيكون إجازة، فلو قالت الحمد لله اخترت نفسي أو قالت هو دباغ لا أريده فهذا كلام واحد فكان ردا. كذا في الظهيرية.
وأطلق في الضحك فشمل التبسم وهو الصحيح كما في القدير. ولا يرد عليه ما إذا ضحكت مستهزئة فإنه لا يكون إذنا وعليه الفتوى. وضحك الاستهزاء لا يخفى على من يحضره لأن الضحك إنما جعل إذنا لدلالته على الرضا فإذا لم يدل على الرضا لم يكن إذنا.
وأطلق في الاستئذان فانصرف إلى الكامل وهو بأن يسمى لها الزوج على وجه يقع لها به المعرفة ويسمى لها المهر، أما الأول فلا بد منه لتظهر رغبتها فيه من رغبتها عنه، فلو قال أزوجك من رجل فسكتت لا يكون إذنا، فلو سمى فلانا أو فلانا فسكتت فله أن يزوجها من أيهما شاء، وكذا لو سمى جماعة مجملا فإن كانوا يحصون فهو رضا نحو من جيراني أو بني عمي وهم كذلك، وإن كانوا لا يحصون نحو من بني تميم فليس برضا كما في المحيط. وهذا كله إذا لم تفوض الامر إليه، أما إذا قالت أنا راضية بما تفعله أنت بعد قوله إن أقواما يخطبونك أو زوجني ممن تختاره ونحوه فهو استئذان صحيح كما في الظهيرية، وليس له بهذه المقالة أن يزوجها من رجل ردت نكاحه أولا لأن المراد بهذا العموم غيره كالتوكيل بتزويج امرأة ليس للوكيل أن يزوجه مطلقته إذا كان الزوج قد شكا منها للوكيل وأعلمه بطلاقها كما في الظهيرية. وأما الثاني ففيه ثلاثة أقوال مصححة: قيل لا يشترط ذكر المهر في الاستئذان لأن للنكاح صحة بدونه وصححه في الهداية، وقيل يشترط ذكره لأن رغبتها تختلف باختلاف الصداق في القلة والكثرة وهو قول المتأخرين من مشايخنا كما في الذخيرة. وفي فتح القدير: إنه الأوجه. وتفرع عليه أنه لو لم يذكر المهر لها قالوا: إن وهبها من رجل نفذ نكاحه لأنها رضت بنكاح لا تسمية فيه، والنكاح بلفظ الهبة يوجب مهر المثل. وإن زوجها بمهر مسمى لا ينعقد نكاح الولي لأنها ما رضيت بتسمية الولي فلا ينعقد نكاح الولي إلا بإجازة مستقلة. كذا في الخانية وغيرها وهو مشكل، لأن مقتضى الاشتراط أن لا يصح الاستئذان إذا لم يذكره فلم يصح قولهما أنها رضيت بنكاح لا تسمية فيه فسكوتها إنما هو لعلمها بعدم صحة الاستئذان. وقيل إن كان المزوج أبا أو جدا لا يشترط ذكر المهر عند
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست