كم يعطي فإنه يعطي قدر ما يحج به ويكون ملكا له وإن شاء حج به وإن شاء لم يحج وهو وصية كما في المبسوط وغيره. فإذا عرف ذلك فللمأمور بالحج أن ينفق على نفسه بالمعروف ذاهبا وآيبا ومقيما من غير تبذير ولا تقتير في طعامه وشرابه وثيابه وركوبه وما لا بد له منه من محمل وقربة وأدوات السفر، فلو توطن بمكة بعد الفراغ فإن كان لانتظار القافلة فنفقته في مال الميت وإلا فمن مال نفسه. وما ذكره أكثر المشايخ من أنه إذا توطن خمسة عشر يوما فنفقته عليه، فمحمول على ما إذا كان لغير عذر وهو عدم خروج القافلة، وكذا ما ذكره بعضهم من اعتبار الثلاث.
وإذا صارت النفقة عليه بعد خروجها ثم بدا له أن يرجع رجعت نفقته في مال الميت لأنه كان استحق نفقة الرجوع. في مال الميت وهو كالناشزة، إذا عادت إلى المنزل والمضارب إذا أقام في بلد أو بلدة أخرى خمسة عشر يوما لحاجة نفسه. وفي البدائع: هذا إذا لم يتخذ مكة دارا، فإما إذا اتخذها دارا ثم عاد لا تعود النفقة بلا خلاف. وإن أقام بها من غير نية الإقامة قالوا: إن كانت الإقامة معتادة لم تسقط، وإن زاد على المعتاد سقطت، ولو تعجل إلى مكة فهي في مال نفسه إلى أن يدخل عشر ذي الحجة فتصير في مال الآمر. ولو سلك طريقا أبعد من المعتاد إن كان مما سلكه الناس ففي مال الآمر وإلا ففي ماله، وله أن ينفق على نفسه نفقة مثله من طعام ومنه اللحم والكسوة ومنه ثوابا إحرامه وأجرة من يخدمه إن كان ممن يخدم، وليس له أن ينفق ما فيه ترفيه كدهن السراج والادهان والتداوي والاحتجام وأجرة الحمام والحلاق إلا أن يوسع عليه. واختار في المحيط والخانية أن يعطي أجرة الحمام والحارس، وصرح الولوالجي بأنه المختار وقالوا: له أن يشتري حمارا يركبه. وذكر الولوالجي بأنه مكروه والجمل أفضل لأن النفقة فيه أكثر. وليس له أن يدعو أحدا إلى طعامه ولا يتصدق به ولا يقرض أحدا ولا يصرف الدراهم بالدنانير ولا يشتري بها ماء لوضوئه، ولو أتجر في المال ثم حج بمثله فالأصح أنها عن الميت. ويتصدق بالربح كما لو خلطها بدراهمه حتى صار ضامنا ثم حج بمثلها. وله أن يخلط الدراهم للنفقة مع الرفقة للعرف. كذا في المحيط.
قوله: (ودم الاحصار على الآمر ودم القران ودم الجناية عل المأمور) لأن الآمر هو الذي أدخله في هذه العهدة فعليه خلاصه. وأراد من الآمر المحجوج عنه فشمل الميت فإن دم الاحصار من ماله ثم قيل هو من ثلث ماله لأنه صلة كالزكاة وغيرها، وقيل من جميع المال لأنه وجب حقا للمأمور فصار دينا. كذا في الهداية. وإذا تحلل المأمور المحصر بذبح الهدي فعليه الحج من قابل بمال نفسه ولا يكون ضامنا للنفقة كفائت الحج لعدم المخالفة، وعليه