البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١١٨
قوله: (فإن مات في طريقه يحج عنه من منزله بثلث ما بقي) هذه العبارة تحتمل شيئين:
الأول أن يكون فاعل مات المأمور بالحج فمعنى المسألة أن الوصي إذا أحج رجلا عن الميت فمات الرجل في الطريق فإنه يحج عن الميت الموصي من منزله بثلث ما بقي من المال كله، وعلى هذا الوجه اقتصر الشارحون مع ما فيه من التعقيد في الضمائر فإن ضمير مات يرجع إلى المأمور، وضمير عنه ومنزله يرجع إلى الموصي. الثاني أن يكون فاعل مات هو الموصي فيتحد مرجع الضمائر وهو صحيح فإنه إذا مات بعدما خرج حاجا وأوصى بالحج فإنه يحج عنه من منزله بثلث تركته، ويصدق عليه أنه بثلث ما بقي أي بعد الانفاق في الطريق. فالحاصل أن الآمر إما أن يكون حيا وقت الاحجاج أو ميتا، فإن كان حيا ومات المأمور في الطريق فإنه يحج إنسانا آخر من منزله على كل حال لأنه حي يرجع إليه، ولهذا لو أمر إنسانا بأن يحج عنه ودفع له مالا فلم تبلغ النفقة من بلده لم يحج عنه من حيث تبلغ كالميت لأنه يمكن الرجوع إليه فيحصل الاستدراك بخلاف الميت. كذا في الولوالجية. وإن كان ميتا وأوصى بأن بحج عنه فلا يخلو إما أن يكون قدم خرج حاجا بنفسه ومات في الطريق أو لا، وفي كل منهما لا يخلو إما أن أطلق الوصية أو عين المال والمكان، فإن أوصى بأن يحج عنه وأطلق يحج عنه من ثلث ماله لأنه بمنزلة التبرعات، فإن بلغ ثلثه أن يحج عنه من بلده وجب الاحجاج من بلده لأن الواجب عليه الحج من بلده الذي يسكنه، وكذا إن خرج لغير الحج ومات في الطريق وأوصى. وأما إذا خرج للحج ومات في الطريق وأوصى فإنه يحج عنه من بلده عند أبي حنيفة. وقالا: يحج من حيث مات. وعلى هذا الخلاف المأمور في الحج إذا مات في الطريق فإنه يحج عن الموصي من منزله بثلث ما بقي من التركة، وكذا لو مات الثاني أو الثالث إلى أن لا يبقى شئ يمكن أن يحج بثلثه عند أبي حنيفة. وإن كان
(١١٨)
مفاتيح البحث: الحج (19)، الموت (10)، الوصية (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست