البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١١٠
المفروض عليه هو الحج راكبا فينصرف مطلق الامر بالحج إليه، فإذا حج ماشيا فقد خالف فيضمن ا ه‍. وفي فتح القدير: واعلم أن شرط الاجزاء كون أكثر النفقة من مال الآمر، فإن أنفق الأكثر أو الكل من مال نفسه وفي المال المدفوع إليه وفاء بحجه رجع به فيه إذ قد يبتلى بالانفاق من مال نفسه لبعث الحاجة ولا يكون المال حاضرا فيجوز ذلك كالوصي والوكيل يشتري لليتيم ويعطي الثمن من مال نفسه فإنه يرجع به في مال اليتيم ا ه‍. وبهذا علم أن اشتراطهم أن تكون النفقة من مال الآمر للاحتراز عن التبرع لا مطلقا.
قوله: (وإنما شرط عجز المنوب للحج الفرض لا النفل) لجواز الإبانة مع القدرة في حج النفل لأن المقصود منه الثواب فإذا كان له تركه أصلا فله تحمل مشقة المال بالأولى.
أطلقه فشمل حجة الاسلام والحجة المنذورة، وأشار به إلى أنه لو أحج عنه وهو صحيح حجة الاسلام أو كان مريضا ثم صح بطل وصف الفرضية لفقد شرطه وهو العجز وبقي أصل الحج تطوعا للآمر لا أنه فاسد أصلا. صرح به الأسبيجابي والسرخسي وعلاء الدين البخاري في الكشف ولم يحكوا فيه خلافا، فعلى هذا بين الصلاة والحج فرق على قول محمد فإنه يقول فيها إذا بطل وصفها بطل أصلها ولم ينقل عنه في الحج في ذلك لما أن باب الحج أوسع فلهذا يمضي في فساده كما يمضي في صحيحه. وأشار المصنف بجريان النيابة في الحج عند العجز في الفرض ومطلقا في النفل أن أصل الحج يقع للآمر لحديث الخثعمية وهي أسماء بنت عميس من المهاجرات وهو أنها قالت: يا رسول الله إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم. متفق عليه. فقد أطلق كونه عنه وقولهما أفأحج عنه فيه روايتان فتح الهمزة وضم الحاء أي أنا أحرم عنه بنفسي وأؤدي الافعال. وهذا هو المشهور من الرواية. وروي بضم الهمزة وكسر الحاء أي آمر أحد أن يحج عنه. ذكره الهندي في شرح المغني وهو ظاهر الرواية عن أصحابنا كما في الهداية، وظاهر المذهب كما في المبسوط وهو الصحيح كما في كثير من الكتب. وذهب عامة المتأخرين كما في الكشف إلى أن الحج يقع عن المأمور وللآمر ثواب النفقة قالوا: وهو رواية عن محمد. وهو اختلاف لا ثمرة له لأنهم اتفقوا أن الفرض يسقط عن الآمر ولا يسقط عن المأمور وأنه لا بد من أن ينويه عن الآمر وهو دليل المذهب، وأنه يشترط أهلية النائب لصحة الافعال حتى لو أمر ذميا لا يجوز وهو دليل الضعيف، ولم أر من صرح بالثمرة. وقد يقال
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست