المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٧٢
وأوجبت القصاص على القاضي في ما يستطاع فيه القصاص لأنه إذا كان معروفا بالصلاح فالذي يسبق إليه أوهام الناس أنه برئ الساحة مما رمى به وإنما أقر على نفسه كاذبا بسبب الاكراه ونظير هذا ما قيل فيمن دخل على انسان بيته شاهرا سيفه مادا رمحه فقتله صاحب البيت ثم اختصم أولياؤه مع صاحب البيت فقال أولياؤه كان هاربا من اللصوص ملتجئا إليك وقال صاحب البيت بل كان لصا قصد قتلى فإن كان المقتول رجلا معروفا بالصلاح فالقول قول الأولياء ويجب القصاص على صاحب البيت وإن كان متهما بالذعارة ففي القياس كذلك وفى الاستحسان القول قول صاحب البيت ولا قصاص ولكن عليه الدية في ماله وفى رواية الحسن عن أبي حنيفة لا شئ عليه لأن الظاهر شاهد عليه انه كان دخل عليه مكابرا وانه قد أهدر دمه عليه بذلك ولكن في ظاهر الرواية يقول مجرد الظاهر لا يسقط حرمة النفوس المحترمة ولا يجوز اهدار الدماء المحقونة ولكن يصير الظاهر شبهة في اسقاط القود عنه فيجب عليه الدية في ماله صيانة لدم المقتول عن الهدر فكذلك ما سبق والله أعلم (باب تعدى العامل) (قال رحمه الله) وإذا بعث الخليفة عاملا على كورة فقال لرجل لتقتلن هذا الرجل عمدا بالسيف أو لأقتلنك فقتله المأمور فالقود على الآمر المكره في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ولا قود على المكره وقال زفر رحمه الله القود على المكره دون المكره وقال الشافعي رحمه الله يجب القود على المكره قولا واحد وله في ايجاب القود على المكره قولان وقال أهل المدينة رحمهم الله عليهما القود وزادوا على هذا فأوجبوا القود على الممسك حتى إذا امسك رجلا فقتله عدوه قالوا يجب القود على الممسك وقال أبو يوسف أستحسن أن لا يجب القود على واحد منهما ولكن تجب الدية على المكره في ماله في ثلاث سنين أما زفر رحمه الله فاستدل بقوله تعالى ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا والمراد سلطان استيفاء القود من القاتل والقاتل هو المكره حقيقة والمعنى فيه أن من قتل من يكافئه لاحياء نفسه يعتمد بحق مضمون فليزمه القود كما لو أصابته مخمصة فقتل انسانا وأكل من لحمه والدليل على أن القاتل هو المكره أن القتل فعل محسوس وهو يتحقق من المكره والطائع بصفة واحدة فيعرف به انه قاتل حقيقة ومن حيث الحكم انه يأثم أثم القاتل واثم القتل على من
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156