المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٢٨
ونظهر أنه غير هزل ولا باطل ونظهر مع ذلك أنا ان كنا جعلنا في السر هزلا فقد أبطلنا ذلك وجعلناه جدا جائزا وأشهدا على أنفسهما بذلك ثم قال علانية قد أبطلنا كل هزل في هذا البيع ونحن نجعله بيعا صحيحا فتبايعا على هذا وادعى أحدهما جواز البيع بينهما فالبيع جائز باعتبار الظاهر فإنه شاهد لمن يدعي جوازه إلا أن يقيم الآخر البينة على ما كانا قالا في السر من ذلك فحينئذ الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة وما كان منهما في العلانية من ابطال كل هزل تحقيق لما كانا تواضعا عليه في السر لا ابطال له فلهذا كان البيع بينهما باطلا وان كانا قالا في العلانية انا قلنا في السر نريد أن نتبايع في العلانية بيعا باطلا هزلا وقد أبطلنا ذلك فقال صاحبه صدقت ثم تبايعا فالبيع باطل إذا قامت البينة على ما كانا قالا في السر لما بينا أن هذا الابطال تحقيق منهما للمضي على تلك المواضعة فلا يتغير به الحكم إلا أن يقول أحدهما بمحضر من صاحبه وهو يسمع انا كنا قلنا في السر انا نتبايع بيعا هزلا وقلنا في السر أيضا انا نظهر في العلانية أنا قد أبطلنا كل قول قلناه في السر من هذا وانا قد أبطلنا جميع ما قلنا في السر من هذا وانا بعنا بيعا صحيحا فإذا قالا هذا أو قال أحدهما والآخر يسمع فالبيع جائز لا يقدر أحدهما على أن يبطله لأنهما وضعا جميع ما كانا قالا في السر ثم أبطلا جميع ذلك وهذا النوع من الابطال ليس يمضي على موافقة ما تواضعا عليه بل هو ابطال لذلك وتلك المواضعة ما كانت لازمة فتبطل بابطالهما فاما إذا وضعا ابطال ما قالا في البيع خاصة وأبطلا ذلك فهذا مضى منهما على موافقة ما تواضعا عليه وذلك مبطل للبيع لا مصحح له والله أعلم (باب العهدة في الاكراه) (قال رحمه الله) ولو أن لصا أكره رجلا بوعيد تلف أو سجن على أن يبيع متاع اللص من هذا الرجل بألف درهم فباعه والمشترى غير مكره فالبيع جائز لان البيع مع الاكراه منعقد والمالك راض بنفوذه والمشترى راض به أيضا والثمن للص على المشترى ولا عهدة على البائع لأنه غير راض بالتزام العهدة حين كان مكرها على ذلك وعهدة البيع لا تلزمه بغير رضاه فإذا تعذر ايجاب العهدة على العاقد كانت العهدة على المنتفع بالعقد وهو المالك كما لو أمر عبدا محجورا عليه أو صبيا ببيع متاعه فباعه كانت العهدة على الآمر فإذا طلب البائع الثمن من المشتري بعد ذلك بغير أكراه فله أن يقبضه وعلى المشترى دفعه إليه وتكون عهدته عليه
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156