حكم الدفع عليه فلهذا لا ضمان على المكره وللمشتري أن يضمن الثمن أن شاء البائع وان شاء المكره لان كان ملجأ إلى دفع الثمن من جهة المكره وكان البائع غير ملجأ إلى قبضه فاقتصر حكم فعله بالقبض عليه وللمشتري الخيار فان ضمن المكره رجع به على البائع لأنه قام مقام من ضمنه ولأنه ملك المضمون بالضمان ولم ينفذ البيع من جهة من تملك الثمن فرجع على البائع بالثمن والله أعلم بالصواب (باب من الاكراه على الاقرار) (قال رحمه الله) وإذا أكره الرجل بوعيد تلف أو غير تلف على أن يقر بعتق أو طلاق أو نكاح وهو يقول لم أفعله فأقر به مكرها فاقراره باطل والعبد عبده كما كان والمرأة زوجته كما كانت لان الاقرار خبر متمثل بين الصدق والكذب والاكراه الظاهر دليل على أنه كاذب فيما يقر به قاصد إلى دفع الشر عن نفسه والمخبر عنه إذا كان كذبا فبالاخبار لا يصير صدقا (ألا ترى) أن فرية المفترين وكفر الكافرين لا يصير حقا باخبارهم به والدليل عليه انه لو أقر به طائعا وهو يعلم أنه كاذب في ذلك فإنه يسعه امساكها فيما بينه وبين الله تعالى إلا أن القاضي لا يصدقه على ذلك لأنه مأمور باتباع الظاهر والظاهر أن الانسان لا يكذب فيما يلحق الضرر به فإذا كان مكرها وجب تصديقه في ذلك لوجود الاكراه فلهذا لا يقع به شئ والاكراه بالحبس والقتل في هذا سواء لان الاقرار تصرف من حيث القول ويعتمد تمام الرضا وبسبب الاكراه بالحبس ينعدم ذلك وكذلك الاقرار بالرجعة أو الفئ في الايلاء أو العفو عن دم العمد فإنه لا يصح مع الاكراه لما قلنا وكذلك الاقرار في عبده انه ابنه أو جاريته انها أم ولده لان هذا اخبار عن أمر سابق خفى فالاكراه دليل على أنه كاذب فيما يخبر به * فان قيل أليس عند أبي حنيفة رحمه الله إذا قال لمن هو أكبر سنا منه هذا ابني يعتق عليه وهناك يتيقن بكذبه فيما قال فوق ما يتيقن بالكذب عند الاقرار مكرها فإذا نفذ العتق ثمة ينبغي أن ينفذ هنا بطريق الأولى قلنا أبو حنيفة رحمه الله يجعل ذلك الكلام مجازا عن الاقرار بالعتق كأنه قال عتق على من حين ملكته وباعتبار هذا المجاز لا يظهر رجحان جانب الكذب في اقراره فاما عند الاكراه فأكثر ما فيه أن يجعل هذا مجازا عن الاقرار بالعتق ولكن الاكراه يمنع صحة الاقرار بالعتق كما يمنع صحة الاقرار
(٨٣)