القتل وهذا شئ لا يؤاخذ به ولكن قصد بهذا الاستشهاد دفع النسبة عمن تمسك بالصورة ويقول كيف أوجبتم القتل على المكره ولم يباشر القتل حسا واستدل عليه بقول أهل المدينة في الممسك ويقتل الردئ في قطع الطريق وإن لم يباشروا قتل أحد حسا وكذلك لو قال العامل له لتقطعن يده أو لأقتلنك لم ينبغ له أن يفعل ذلك لأن لأطراف المؤمن من الحرمة مثل ما لنفسه (ألا ترى) ان المضطر لا يحل له أن يقطع طرف الغير ليأكله كما لا يحل له أن يقتله وكذلك لو أمره بقطع أصبع أو نحوه فان حرمة هذا الجزء بمنزلة حرمة النفس فان القتل من المظالم والمكره مظلوم فليس له أن يظلم أحدا ولو ظلم وان أقدم على القتل فليس عليه الا الاثم فاما الفعل في حق الحكم فقد صار منسوبا إلى المكره لوجود الالجاء بالتهديد بالقتل وان رأى الخليفة أن يعزر المكره ويحبسه فعل لاقدامه على ما لا يحل له الاقدام عليه وأن أمره ان يضربه سوطا واحدا أو أمره أن يحلق رأسه أو لحيته أو أن يحبسه أو أن يقيده وهدده على ذلك بالقتل رجوت أن لا يكون آثما في فعله ولا في تركه أما في تركه فلانه من المظالم والكف عن المظالم هو العزيمة والمتمسك بالعزيمة لا يكون آثما وأما إذا قدم عليه فلانه يدفع القتل عن نفسه بهم وحزن يدخل على غيره فان بالحبس والقيد وبحلق اللحية وضرب سوط يدخله هم وحزن ولا يخاف على نفسه وعلى شئ من أعضائه ولدفع الهلاك عن نفسه قد رخص له الشرع في ادخال الهم والحزن على غيره (ألا ترى) أن المضطر يأخذ طعام الغير بغير رضاه ولا شك ان صاحب الطعام يلحقه حزن بذلك الا انه علق الجواب بالالجاء لأنه لم يجد في هذا بعينه نصا والفتوى بالرخصة فيما هو من مظالم العباد بالرأي لا يجوز مطلقا فلهذا قال رجوت وإن كان يهدده على ذلك بحبس أو قيد أو ضرب سوط أو حلق رأسه ولحيته لم ينبغ له أن يقدم على شئ من الظلم قل ذلك أو كثر لان الرخصة عند تحقق الضرورة وذلك إذا خاف التلف على نفسه وهو بما هدده هنا لا يخاف التلف على نفسه ولو أكرهه بالحبس على أن يقتل رجلا فقتله كان القود فيه على القاتل لان بالتهديد بالحبس لا يتحقق الالجاء ولهذا كان الضمان في المال عند الاكراه بالحبس على المكره دون المكره ولو أمره بقتله ولم يكرهه على ذلك إلا أنه يخاف إن لم يفعل أن يقتله ففعل ما أمر به كان ذلك بمنزلة الاكراه لان الالجاء باعتبار خوفه التلف على نفسه أن لو امتنع من الاقدام على الفعل وقد تحقق ذلك هنا ومن عادة المتجبرين الترفع عن التهديد بالقتل ولكنهم يأمرون
(٧٦)