الحاجة إليه في حق المبذر المتلف لماله ولو أن قاضيا حجر على فاسد يستحق الحجر ثم رفع إلى قاض آخر فأطلق عنه الحجر وأجاز ما كان باع أو اشترى ولم ير حجر الأول شيئا فأبطل حجره جاز اطلاق هذا عنه لان الأول لو تحول رأيه فأطلق عنه الحجر جاز فكذلك الثاني وهذا لان نفس الحجر على السفيه مجتهد فيه فإنه باطل عند أبي حنيفة رحمه الله ونفس القضاء متى كان مجتهدا فيه يوقف على امضاء غيره فإذا أبطله بطل ثم الحجر عليه لم يكن قضاء من القاضي لان القضاء يستدعى مقضيا له ومقضيا عليه ولم يوجد ذلك أنما كان ذلك نظرا منه له وقد رأى الآخر النظر له في الاطلاق عنه فينفذ ذلك منه إلا أن يكون شئ من بيوعه أو شرائه المتقدمة رفع إلى القاضي الذي يرى الحجر عليه أو إلى قاض آخر يرى الحجر فأبطل مبايعاته ثم رفع إلى هذا القاضي الآخر فأبطل قضاء الأول وأجاز ما كان أبطله ثم رفع إلى قاض آخر يرى الحجر أو لا يراه فإنه ينبغي له أن يجيز قضاء الأول بابطال ما أبطل بيوعه وأشريته ويبطل قضاء الثاني فيما أبطله من قضاء الأول لان قضاء الأول حصل في موضع الاجتهاد فنفذ ذلك وكان ذلك قضاء تاما بوجود المقضى له والمقضى عليه وقضاء القاضي في المجتهدات نافذ بالاتفاق ثم الابطال من الثاني حصل بخلاف الاجماع لأنه أبطل قضاء أجمع المسلمون على نفوذه وقضاء القاضي بخلاف الاجماع فهذا يبطل الثالث قضاء القاضي بابطال قضاء الأول ويمضي قضاء الأول بابطال ما أبطل من بيوعه أو أشريته والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب (تم الجزء الرابع والعشرون ويليه الجزء الخامس والعشرون وأوله كتاب المأذون)
(١٨٤)