مع السكين فيقتل به غيره وتفسير الالجاء انه صار محمولا على ذلك الفعل بالتهديد بالقتل فالانسان مجبول على حب الحياة ولا يتوصل إلى ذلك الا بالاقدام على القتل فيفسد اختياره بهذا الطريق ثم يصير محمولا على هذا الفعل وإذا فسد اختياره التحق بالآلة التي لا اختيار لها فيكون الفعل منسوبا إلى من فسد اختياره وحمله على هذا الفعل لا على الآلة فلا يكون على المكره شئ من حكم القتل من قصاص ولا دية ولا كفارة (ألا ترى) ان شيئا من المقصود لا يحصل للمكره فلعل المقتول من أخص أصدقائه فعرفنا أنه بمنزلة الآلة فأما الآثم فبقاء الاثم عليه لا يدل على بقاء الحكم كما إذا قال لغيره اقطع يدي فقطعها كان آثما ولا شئ عليه من حكم القطع بل في الحكم يجعل كان الآمر فعله بنفسه وقد بينا أنه مع فساد الاختيار يبقى مخاطبا فلبقائه مخاطبا كان عليه اثم القتل ولفساد اختياره لم يكن عليه شئ من حكم القتل ثم حقيقة المعني في العذر عن فعل الاثم من وجهين أحدهما أن تأثير الالجاء في تبديل النسبة لا في تبديل محل الجناية ولو جعلنا المكره هو الفاعل في حكم الضمان لم يتبدل به محل الجناية ولو أخر جناية المكره من أن يكون فاعلا في حق الآثم تبدل به محل الجناية لان الاثم من حيث إنه جناية علي حد الدين وإذا جعلنا المكره في هذا آلة كانت الجناية على حد دين المكره دون المكره وإذا قلنا المكره آثم ويكون الفعل منسوبا إليه في حق الآثم كانت جناية على دينه بارتكاب ما هو حرام محض وبسبب الاكراه لا يتبدل محل الجناية فأما في حق الضمان فمحل الجناية نفس المقتول سواء كان الفعل منسوبا إلى المكره أو إلى المكره وبهذا تبين أن في حق الاثم لا يصلح أن يكون آلة لان الانسان في الجناية على حد دين نفسه لا يصلح أن يكون آلة لغيره والثاني انا لو جعلنا المكره آلة في حق الاثم كان ذلك اهدار وليس تأثير الالجاء في الاهدار (ألا ترى) ان في المال لا يجعل فعل المكره كفعل بهيمة ليس لها اختيار صحيح والمكره آثم باكراهه فإذا لم يجعل المكره آثما كان هذا اهدارا للآثم في حقه أصلا ولا تأثير للالجاء في ذلك بخلاف حكم الفعل فإنه إذا جعل المكره آلة فيه كان المكره مؤاخذا به إلا أن يكون هدرا ولا يقال الحربي إذا أكره مسلما على قتل مسلم فان الفعل يصير منسوبا إلى المكره عندكم وفى هذا اهدار لأنه ليس على المكره شئ من الضمان وهذا لأنه ليس باهدار بل هو بمنزلة ما لو باشر الحربي قتله فيكون المقتول شهيدا ولا يكون قتل الحربي إياه هدرا وان كأن لا يؤاخذ بشئ من الضمان إذا أسلم وبه فارق المضطر لأنه غير ملجأ إلى ذلك الفعل من جهة غيره ليصير
(٧٤)