هو آلة للملجئ (ألا ترى) أن في المال الضمان واجب عليه فعرفنا به أن حكم الفعل مقصور عليه والدليل على أن الفاعل هو المكره أن القصاص يلزمه عند الشافعي رحمه الله والقصاص عقوبة تندرئ بالشبهات فيعتمد المساواة حتى أن بدون المساواة لا يجب القصاص كما بين المسلم والمستأمن وكما في كسر العظام ولا مساواة بين المباشرة والتسبب ولا طريق لجعل المكره شريكا الا بنسبة بعض الفعل إليه وإذا كان للالجاء تأثير في نسبة بعض الفعل إلى الملجئ فكذلك في نسبة جميع الفعل إليه ولا معنى لايجاب القود على الممسك لان القصاص جزاء مباشرة الفعل فإنه عقوبة تندرئ بالشبهات وفى التسبب نقصان فيجوز أن يثبت به ما يثبت مع الشبهات وهو المال ولا يجوز أن يثبت ما يندرئ بالشبهات بخلاف حد قطاع الطريق فان ذلك جزاء المحاربة والردء مباشر للمحاربة كالقاتل وقد بينا هذا في السرقة والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام يصبر الصابر ويقتل القاتل أي يحبس الممسك ويقتل القاتل فاما أبو يوسف رحمه الله فقال استحسن أن لا يجب القود على واحد منهما لان بقاء الاثم في حق المكره دليل على أن الفعل كله لم يصر منسوبا إلى المكره والقصاص لا يجب الا بمباشرة تامة وقد انعدم ذلك من المكره حقيقة وحكما فلا يلزمه القود وإن كان هو المؤاخذ بحكم القتل فيما يثبت مع الشبهات والدليل عليه ان وجوب القصاص يعتمد المساواة ولا مساواة بين المباشرة والاكراه فلا يمكن ايجاب القود على المكره الا بطريق المساواة ولكنا نقول المكره مباشر شرعا بدليل أن سائر الأحكام سوى القصاص نحو حرمان الميراث والكفارة في الموضع الذي يجب والدية يختص بها المكره فكذلك القود والأصل فيه قوله تعالى يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم فقد نسب الله الفعل إلى المعين وهو ما كان يباشر صورة ولكنه كان مطاعا فأمر به وأمره اكراه إذا عرفنا هذا فنقول سواء كان المكره بالغا عاقلا أو كان معتوها أو غلاما غير يافع فالقود على المكره لان المكره صار كالآلة والبلوغ والعقل لا معتبر به في حق الآلة وإنما المعتبر تحقق الالجاء لخوف التلف على نفسه وكذلك حرمان الميراث فإنه يثبت في حق المكره دون المكره وإن كان الآمر غير بالغ ولكنه مطاع بتحقق الاكراه منه أو كان رجلا مختلط العقل ولكن يتحقق الاكراه منه فان الفعل يصير منسوبا إليه وذلك يكون بمنزلة جنايته بيده في أحكام القتل واستدل بقول الحسن البصري رحمه الله في أربعة شهدوا على رجل بالزنا ورجمه الناس فقتلوه ثم رجع بعض الشهود ان على الراجع
(٧٥)