علي الخلاف الذي بينا واقرار المرتد بالحقوق جائز ان السلم وان قتل على ردته أو لحق بدار الحرب لم يجز اقراره في كسب اسلامه ويجوز اقراره فيما اكتسبه بعد الردة في قول أبي حنيفة رحمه الله واقرار المرتدة بذلك كله جائز وعندهما اقرارهما جائز في ذلك إلا أن عند أبي يوسف رحمه الله هو بمنزلة اقرار الصحيح وعند محمد رحمه الله هو منزلة اقرار المريض وهذا نظير اختلافهم في تصرفات المرتد فان الاقرار تصرف منه كسائر التصرفات وهو مسألة كتاب السير ولو أقر المرتد بمكاتبة عبد له أو بعتقه في حال الاسلام لم يجز في قول أبي حنيفة رحمه الله ان قتل أو لحق بدار الحرب ويجوز عندهما إلا أن محمدا رحمه الله يقول هو بمنزلة اقرار المريض وإذا أقرت المرتدة أو المرتد بحد في قذف أو سرقة أو زنا أو جراحة عمد فيها قصاص فذلك جائز عندهم لان الحجر بسبب الزيادة لا يكون أقوى من الحجر بسبب الرق ولان توقف تصرفه في المال عند أبي حنيفة رحمه الله لتوقف ملكه وذلك غير موجود في العقوبات فاما ما كان من الجراحات التي توجب المال فاقراره بها يوقف عند أبي حنيفة رحمه الله ويكون نافذا عندهما على ما بينا وذكر حديث القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه أن عبد أتى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فأقر بالسرقة مرتين فامر به فقطع قال عبد الله وكأني أنظر إلى يده معلقة في عنقه وفيه دليل على صحة اقرار العبد بالأسباب الموجبة للعقوبة وبه يستدل أبو يوسف رحمه الله في اشتراط التكرار في الاقرار الا ان أبا حنيفة ومحمدا رحمهما الله قالا في الحديث أقر مرتين فقطعه وليس فيه لو لم يكرر اقراره لم يقطعه والسكوت لا يكون حجة وذكر عن أبي مالك الأشجعي رحمه الله قال أتى عبد قد رأيته علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأقر عنده بالزنا فأمر به قنبرا وقال اضربه فإذا قال اتركني فاتركه فلما وفاه خمسين جلدة قال له العبد اتركني فتركه وهو دليل على اقرار صحة العبد بالحد على نفسه ولقوله فإذا قال اتركني فاتركه تأويلان أحدهما انه إذا رجع عن اقراره فاقبل ذلك منه والثاني انه علم فقه العبد في أنه لا يقول له اتركني الا بعد أن يتم عليه حد العبيد وقد ظهر ذلك حين قال له اتركني بعد خمسين جلدة وإذا أقر العبد المحجور بدم عمد وله وليان فعفا أحدهما لم يكن للاخر مال في عتقه لان صحة اقراره يكون موجبا للعقوبة عليه وكون دمه خالص حقه فإذا آل الامر إلى أن يكون الواجب مالا بطل اقراره لان ماليته حق مولاه وكان هو بمنزلة اقراره بالقتل الخطأ ولو أقر بسرقة لا يجب في مثلها القطع كان اقراره باطلا لان كسبه ومالية رقبته حق لمولاه فلا يصدق في
(١٧١)