غصبها إياه فلان وليست هذه لي بطل اقراره بالرد فان ادعاها المقر له وقعت إليه لما بينا أن الاقرار الأول صار كالمعدوم فكأنه أنشأ الاقرار الآن وصدقه المقر له. ولو قال هذا العبد لك فقال ليس هو لي ثم قال بلى هو لي لم يكن له لان الاقرار قد بطل بالتكذيب ولم يوجد اقرار آخر فكذلك لو أقام البينة عليه لم تقبل بينته لان شرط قبول البينة دعوى صحيحة وبعد ما قال ليس هو لي لا يصح دعواه انه له لكونه مناقضا فيه فلا تقبل بينته عليك. وكذلك لو أقر أنه برئ من هذا العبد ثم ادعاه وأقام البينة لا تقبل بينته الا علي حق يحدث له بعد البراءة لان قوله أنا برئ من هذا العبد اقرار منه بأنه لا ملك له فيه وهو صحيح في حقه لأنه لا يتعدى عن محل ولايته إلى غير ولايته وبالدعوى بعد ذلك أنه لي يصير مناقضا وبينة المناقض في الدعوى لا تكون مقبولة وكذلك لو قال خرجت من العبد أو خرج هذا العبد عن ملكي أو عن يدي لان اقراره بهذا مقصور علي محل ولايته لا يتعدى إلى اثبات الملك فيه لغيره فأقيم به وحده فيكون هو في الدعوى بعد ذلك مناقضا وقيل هذا الجواب فيه قوله خرج عن يدي غير صحيح لأنه يمكنه أن يوقف فيقول هو ملكي وقد خرج عن يدي بغصب ذي اليد أو إعارتي منه فلا يثبت التناقض وإذا قال الرجل للمرأة انى أريد أن أشهد انى قد تزوجتك بألف درهم تزوجا باطلا وتلجئه وقالت المرأة نعم أنا أفعل هذا علي هذا الوجه وقد حضر الشهود هذه المقالة ثم أشهد أنه قد تزوجها بألف درهم وأقرت المرأة بذلك فالنكاح جائز لازم لهما لان بالاشهاد السابق تبين أن مقصودهما بهذا العقد الهزل دون الجد وفي النكاح الجد والهزل سواء كما ورد به الأثر ثلاث جدهن جد وهز لهن جد النكاح والطلاق والعتاق ولان تأثير التلجئة انعدام ضامنها بالعقد النافذ بمنزلة اشتراط الخيار ولا يشترط الخيار في النكاح فكذلك التلجئة ولأنه إنما تؤثر التلجئة فيما هو محتمل للفسخ بعد تمامه والنكاح غير محتمل للفسخ بعد تمامه ولهذا لا يجرى فيه الرد بالعيب ولا يؤثر فيه التلجئة وكذلك الطلاق والعتاق على مالي وغير مال والخلع والمال واجب فيما سمى فيه المال لأنه تبع للسبب فكما لا تؤثر التلجئة في أصل السبب فكذلك لا تؤثر فيما يتبعه كالهزل وأما الكتابة على هذا الوجه فباطلة بمنزلة البيع لأنه محتمل للفسخ بعد انعقاده كالبيع. ولو قال أريد أن ألجئ إليك داري هذه واشهد عليك بالبيع وقبض الثمن تلجئة منى إليك لا حقيقة وقال الآخر نعم فاشهد له بالبيع وقد حضر الشهود تلك المقالة فان أبا حنيفة رحمه الله قال فيما أعلم يقع البيع
(١٢٣)