المتقين انزل للعمل به قال فإذا لم تجد في كتاب الله قال أقضى بما قضي به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصاب في ذلك أيضا قلنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وقد أمرنا باتباعه والاقتداء به قال فإذا لم تجد ذلك فيما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أقضى بما قضي به أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وقد أصاب في ذلك أيضا فقد أمرنا بالاقتداء بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتدوا باللذين من بعدي أبى بكر وعمر رضي الله عنهما وقال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ قال فإذا لم تجد ذلك في قضائهم قال اجتهد رأيي وأصاب في ذلك فالقاضي مأمور بأن يجتهد رأيه فيما لا نص فيه وهو دليلنا على جواز العمل بالقياس فيما لا نص فيه فاجتهاد الرأي هو القياس يرد حكم الحادثة إلى أشباهها مما هو منصوص وإذا جاز اجتهاد الرأي في باب القبلة عند الاشتباه وانقطاع الأدلة وفي المعاملات من الحروب وغير ذلك فكذلك في القضاء فلما أصاب في جميع ما أجاب قال له عمر رضي الله عنه أنت قاضيها أي أنى لا أعز لك عن القضاء ما دمت على هذه الطريقة وفيه دليل أن الامام إذا علم من حال من قلده انه صالح لذلك ينبغي أن يقرره على العمل ولا يعزله بطعن بعض المتعنتين ما لم يتبين له شئ مما لا يحمد من السيرة منه وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال لقد أتي علينا زمان لسنا نسأل ولسنا هنالك ثم قضى الله تعالى ان بلغنا من الامر ما يرون قيل هذا إشارة منه إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان الوحي ينزل وكان عليه الصلاة والسلام يبين لهم فكانوا لا يحتاجون فيه إلى ابن مسعود رضي الله عنه وغيره وقيل بل مراده الإشارة إلى زمن أبى بكر وعمر رضي الله عنهما فقد كانت الصحابة رضوان الله عليهم متوافرين في ذلك الوقت وما كان يحتاج إلى ابن مسعود رضي الله عنه وقيل هذا منه إشارة إلى حال صغره وجهله وإنما قصد بهذا التحدث بنعمة الله تعالى حيث رفعه من تلك الدرجة إلى ما بلغه إليه لأنه قال هذا حين كان بالكوفة وله أربعة آلاف تلميذ يتعلمون بين يديه حتى روى أنه لما قدم علي رضي الله عنه بالكوفة وخرج إليه ابن مسعود رضي الله عنه مع أصحابه حتى سدوا الأفق فلما رآهم علي رضي الله عنه قال ملأت هذه القرية علما وفقها قال فمن ابتلى منكم بقضاء فليقض بما في كتاب الله تعالى وفي هذا إشارة إلى أن التحرز عن تقلد القضاء أولى فقد عده ابن مسعود رضي الله عنه من البلوى نقوله فمن ابتلى منكم وهو اختيار أبي حنيفة رحمه الله فإنه تحرز
(٦٨)