المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٤٦
كل واحد من التسميتين لان وجوب الاجر التمكن من الاستيفاء هنا وقد تمكن من استيفاء المنفعتين جميعا وليس أحد البدلين بالايجاب عليه بأولى من الآخر فيلزمه نصف كل واحد منهما والأصح أنه لا يلزمه الا خمسة لان أصل البدل بمقابلة منفعة البيت خمسة ثم التزم زيادة البدل بزيادة الضرر إذا سكنه قصارا لان ذلك يوهن البناء فإذا لم يسكنها أحدا فقد انعدم ذلك الضرر (ألا ترى) أنه لو أسكن بزازا لا يلزمه الا خمسة وقد كان متمكنا من أن يسكنه قصارا فإذا لم يسكنه أصلا أولى أن لا يلزمه الا خمسة فرجل استأجر دارا سنة بمائة درهم على أن لا يسكنها ولا ينزل فيها فالإجارة فاسدة لأنه نفى موجب العقد بالشرط وذلك يضاد العقد وإن لم يسكنها فلا أجر عليه وفي هذا اللفظ تنصيص على أن الإجارة الفاسدة بالتمكن من الاستيفاء لا يوجب الاجر ما لم يوجب الاستيفاء حقيقة كما في النكاح الفاسد وإنما يتكلفون من الفرق بينهما غير معتمد وان سكنها فعليه بأجر مثلها لا ينقص مما سمى لأنه إنما رضى بالمسمى بشرط أن لا يسكن فعند السكنى لا يكون راضيا به فيلزمه أجر مثلها بالغا ما بلغت وان جعلت أجر الدار أن يؤذن لهم سنة أو يوما فالإجارة فاسدة وعليه أجر مثل الدار ان سكنها لأنه استوفي منافعها بعقد فاسد فإنما سمى إذا كأن لا يصلح بدلا فهو في الحكم كما لو أجرها ولم يسم الاجر ولا أجر له في الأذان والإمامة لان الإجارة لا تنعقد على هذا العمل لا صحيحا ولا فاسدا ولأنه عامل لنفسه فلا يكون مسلما عمله إلى غيره. وان تكارى برذونا ليتعرض عليه فان جاز فعليه عشرة دراهم وإن لم يجز فعليه خمسة فالإجارة فاسدة ومعنى المسألة أن المستأجر من أصحاب الديوان اسمه في ديوان الفرسان وقد يفق فرسه فطلب السلطان العرض فاستأجر الفرس على أنه إن لم يوقف على ضيعة فالاجر عشرة وان وقف على ذلك فالاجر خمسة فهذا فاسد لجهالة الاجر فلا يدرى الجواز ولا يجوز وعليه أجر مثلها فيما استوفى من المنفعة ولا ضمان عليه أن يفق في ركوبه أو أخذه السلطان لان المقبوض بحكم إجارة فاسدة في حكم الضمان كالمقبوض بحكم إجارة صحيحة وان تكارى بغلا على أنه كلما ركب الأمير ركب معه فالإجارة فاسدة لجهالة المعقود عليه وعليه من كل ركبة أجر مثله لان أجر المثل بعقد فاسد بقدر المستوفى من المنفعة وان تكاري دابة إلى بغداد على أنه ان رزقه الله تعالى من بغداد شيئا أو من فلان شيئا أعطاه نصف ذلك فهذا فاسد لجهالة الاجر والغرر المتمكن بسبب الشرط في أصل الاجر وعليه أجر مثلها فيما يركب وان تكاراها إلى بغداد على أنها ان بلغته
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست