المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٥٤
عبدا شهرين شهرا بخمسة وشهرا بستة فهو جائز لان كل واحد من العقدين يتناول مدة معلومة ببدل معلوم ثم الشهر الأول يجب فيه من البدل ما ذكر أولا إن كان ذكر الخمسة أولا ففي الشهر الأول يجب خمسة لأنه لو اقتصر على المذكور أولا يتعين له الشهر الأول فلا بد من أن يصرف المذكور آخرا إلى الشهر الثاني وان استأجر ثلاثة أشهر شهرين بدرهم وشهرا بخمسة فالشهران الأولان بدرهم لان الكلام المبهم إذا تعقبه تفسير فالحكم لذلك التفسير وإنما بدأ بتفسيره بالشهرين الأولين بدرهم وان استأجره للخدمة بالكوفة فليس له أن يسافر به لان خدمة السفر أشق من خدمة الحضر فليس له أن يكلفه فوق ما التزم لان السفر شقة من العذاب فليس له أن يكلفه بمطلق العقد فان (قيل) هو في ملك منافعه ينزل منزلة المولى في منافع عبده وللمولى أن يسافر لعبده فلماذا لا يكون له أن يسافر بأجيره للخدمة (قلنا) إنما يسافر المولى في منافعه بعبده لأنه يملك رقبته وهو لا يملك رقبة أجيره وإنما يملك منافعه بالعقد والمسمى في العقد استخدامه في الكوفة فلا يكون له أن يجاوز ذلك (ألا ترى) انه يزوج عبده لملكه رقبته ولا يدل ذلك أن له أن يزوج أجيره وان سافر به فهو ضامن لمولاه لأنه صار غاصبا له بالاخراج والاستخدام لا على الوجه المستحق بالعقد ولا أجر عليه لان الاجر والضمان لا يجتمعان ولان المعقود عليه منافع العبد بالكوفة ولا يتصور وجود ذلك بعد اخراجه من الكوفة وان استأجره بالكوفة ليستخدمه كل شهر بأجر مسمى ولم يشترط الخدمة بالكوفة فهو على الخدمة بالكوفة أيضا وليس له أن يسافر به لان مطلق العقد ينصرف إلى المتعارف ولأنه بالعقد يستحق الاستخدام فقط والسفر به وراء الاستخدام وهو يلزم مولاه مؤنة الرد فلا يكون ذلك إلا عن شرط فان سافر به بغير إذن مولاه فهو ضامن ولا أجر عليه لما قلنا وليس له أن يضرب العبد فان ضربه بغير إذن صاحبه فعطب فهو ضامن ثم على قول أبي حنيفة رحمه الله ظاهر فقد بيناه في الدابة ان استأجرها انه لو ضربها فعطبت ضمن عنده ففي العبد أولى وهما يفرقان فيقولان العبد مخاطب يؤمر وينهى فيفهم ذلك ولا يحتاج إلى ضربه عند الاستخدام عادة فلا يصير مأذونا فيه بمطلق العقد بخلاف الدابة فإنها لا تفهم الامر والنهى ولا تتفاوت في السير الا بالضرب فيكون له أن يضربها ضربا متعارفا وان دفع الاجر عند غرة الشهر الأول إلى العبد فإن كان المولى هو الذي أجره لم يبرأ من الاجر لان حقوق العقد في الإجارة تتعلق بالعاقد والعبد ليس بعاقد ولا مالك للأجر فالدفع إليه كالدفع
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست