المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٢٤
ولا ضمان عليه فيما سرق في قول أبي حنيفة رحمه الله لأنه أجير مشترك فلا يضمن ما هلك في يده بغير فعله وان احترق الخبز في التنور قبل أن يخرجه فهو ضامن لان هذا من جناية يده ويتخير صاحب الخبز إن شاء ضمنه قيمته مخبوزا وأعطاه الاجر وان شاء ضمنه دقيقا ولم يكن له أجر وقد بينا نظيره في القصار وان استأجر رجلا يحمل له طعاما إلى موضع معلوم فسرق منه في بعض الطريق فله الاجر بقدر ما تحمل لان المعقود عليه ههنا منافعه لاحداث وصف في المحل فبقدر ما تحمل يصير المعقود عليه مسلما إلى صاحبه فكان له من الاجر بقدره بخلاف ما تقدم فالمعقود عليه هناك الوصف الذي يحدث في المحل بعمله وثبوت اليد على الوصف بثبوته على الموصوف فما لم تثبت يد المستأجر على محل العمل لا يصير مسلما العمل فلا يتقرر الاجر وعلى هذا قلنا في كل موضع إذا هلك لم يكن له فيه أجر فله أن يحبسه حتى يأخذ الاجر كالخياط والقصار في بيت نفسه وفي كل موضع لو هلك كان له الاجر فليس له أن يحبسه كالحمال والخياط والخباز في بيت صاحب العمل فان حبسه وهلك عنده فهو ضامن من لأنه غاصب في الحبس حين لم يكن له حق الحبس والعمال الذين يعملون في بيت المستأجر ضامنون لما جنت أيديهم مثل ما يضمنون ما عملوا في بيوتهم لان العامل أجير مشترك سواء عمل في بيت نفسه أو في بيت المستأجر فيكون المعقود عليه العمل وعقد المعاوضة تقتضي سلامة المعقود عليه فالعمل المعيب لا يكون معقودا عليه وهذا بخلاف ما إذا استأجره يوما ليخيط له ثوبا في بيته فإنه لا يضمن ما جنت يده لان المعقود عليه منافعه (ألا ترى) أنه ليس له أن يعمل ذلك في غير يومه وأنه يستوجب الاجر بتسليم النفس وإن لم يستعمله ولو استأجر طباخا يصنع له طعاما في وليمة فأفسد الطعام فأحرقه ولم ينضجه فهو ضامن لأنه أجير مشترك وهذا من جناية يده ولو لم يفسد الطباخ ولكن رب الدار اشترى راوية من ماء فأمر صاحب البعير فأدخلها الدار فساق البعير فعطب فخر على القدور فكسرها فأفسد الطعام فلا ضمان على صاحب البعير لأنه ساقها بأمر رب الدار وفعله كفعل رب الدار وسوق الانسان الدابة في ملك نفسه لا يكون تعديا موجبا للضمان كحفر البئر ووضع الحجر في ملك نفسه ولا ضمان على الطباخ فيما عمل من الطعام لان التلف حصل بغير فعله بل بفعل مضاف إلى صاحب الدار حكما وكذلك ولو كان البعير سقط على ابن رب الدار وهو صبي فقتله أو على عبده فلا ضمان عليه لان التسبب إذا لم يكن تعديا لا يكون موجبا للضمان على أحد ولو أدخل الطباخ النار ليطبخ بها فوقعت شرارة
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست