المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٢٨
وسكناها في الطريق وذلك لا يتأتى إذا خلفها بالكوفة والقول قوله مع يمينه بالله ما أخرجه لأنه ينكر التمكن من استيفاء المعقود عليه ووجوب الاجر عليه فهو كما لو أنكر قبض الفسطاط أصلا وكذلك لو أقام بالكوفة ولم يخرج ولم يدفع الفسطاط إلى صاحبه فهو مثل الأول لوجود الامساك لا على الوجه الذي أذن له فيه صاحبه وكذلك لو خرج ودفع الفسطاط إلى غلامه فقال ادفعه إلى صاحبه فلم يدفعه حتى رجع المولى فهو مثل الأول لأنه لم يصل إلى صاحبه وكونه في يد غلامه وما لو خلفه في بيته بالكوفة سواء وكذلك لو دفعه إلى آخر وأمره أن يرده إلى صاحبه فلم يفعله لأنه مخالف بالامساك في غير الموضع المأذون فيه وبالتسليم إلى الأجنبي أيضا ولو حمله الرجل إلى صاحب الفسطاط فأبى أن يقبله برئ المستأجر والرجل من الضمان ولا أجر عليه لان صاحب الفسطاط تمكن من فسطاطه حين رد عليه وفعل مأمور المستأجر كفعل المستأجر بنفسه ولو رده بنفسه لم يكن لصاحبه أن يمتنع من قبوله لان هذا عذر له لأنه يحتاج إلى مؤنة في اخراج الفسطاط وله أن يلتزم تلك المؤنة فكذلك إذا رده ثانية لم يكن له أن يمتنع من قبوله ولو هلك الفسطاط عند هذا الآخر قبل أن يحمله إلى صاحبه فلصاحب الفسطاط أن يضمن أيهما شاء لان كل واحد منهما متعدي في حقه غاصب فان ضمن الوكيل رجع به على المستأجر لأنه ضمن في عمل باشره له بأمره وان ضمن المستأجر لم يرجع به على الوكيل لو رجع عليه رجع الوكيل به أيضا ولان يد الوكيل قائمة مقام يد المستأجر فهلاكه في يد الوكيل كهلاكه في يد المستأجر وان ذهب بالفسطاط إلى مكة ورجع به فقال المؤاجر للمستأجر أحمله إلى منزلي فليس له ذلك على المستأجر ولكنه على رب المتاع لما بينا أن منفعة النقل حصل لرب المتاع من حيث أنه تقرر حقة في الاجر فكانت مؤنة الرد عليه بخلاف المستعير وإن لم يخرج بالفسطاط وخلفه بالكوفة فضمنه وسقط عنه الاجر فالحمولة على المستأجر لأنه بمنزلة الغاصب وهو الذي ينتفع بالرد من حيث أنه برأ نفسه عن الضمان وان استأجر دابة إلى بلدة أخرى فقبضها وذهب صاحب الدابة فان حبسها بالكوفة على قدر ما يحبسها الناس إلى أن يرتحل فلا ضمان عليه وان حبسها مما لا يحبس الناس مثله يومين أو ثلاثة فهو ضامن لها ولا كراء عليه لأنه أمسكها في غير الموضع الذي أذن له صاحبها في الامساك وفي هذا الخلاف ضرر على صاحبها فان حقه في الاجر لا يتقرر بامساكها في هذا الموضع فلهذا كان ضامنا إلا أن المقدار المتعارف من الامساك يصير مستحقا له بالعرف فيجعل كالمشروط بالنص وإذا استأجر الرجلان
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست