المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٢١
ثم قد بينا انه وان أطلق العقد فهو في معنى المضاف في حق المعقود عليه لأنه يتجدد انعقاده بحسب ما يحدث من المنفعة أو تقام العين المنتفع بها مقام المعقود عليه في هذا العقد ولا فرق في هذا بين المضاف إلى وقت في المستقبل وبين المعقود عليه في الحال وهذا لان ذكر المدة لبيان مقدار المعقود عليه كالكيل فيما يكال وذلك لا يختلف به وبه فارق التعليق بالشرط فان التعليق يمنع انعقاد العقد في الحال والإضافة لا تمنع من ذلك وفي لزوم الإجارة المضافة روايتان وأصح الروايتين أنه يلزم وليس لأحدهما أن يفسخ الا بعذر فان الاجر لا يملك بشرط التعجيل وقد بينا الفرق بين هذا وبينما إذا شرط التعجيل في عقد الإجارة في الحال لان هناك تأخر الملك بقضية المساواة فيحتمل التغير بالشرط وهنا تأخر الملك لنصيبهما على التأخير بإضافة العقد إلى وقت في المستقبل فلا يتغير ذلك بالشرط ولو تكارى إبلا إلى مكة بشئ من المكيل أو الموزون معلوم القدر والصفة وجعل له أجلا مسمى فهو جائز وإن لم يسم الموضع الذي يوفيه فيه وقد نص على الخلاف فيما تقدم أن على قول أبي حنيفة رحمه الله لا بد من بيان المكان فتبين بذلك أن هذا الجواب قولهما وان حل الاجل بمكة وأراد أخذه هناك وأبى المستأجر فأن استوثق من المستأجر على أن يوفيه بالكوفة حيث تكارى وقد ذكرنا على قولهما أن إجارة الدار يتعين للايفاء موضع الدار وهنا ذلك غير ممكن لان الاجر يجب شيئا فشيئا بحسب سير الدابة في الطريق فيتعذر تعيين موضع استيفاء المعقود عليه للايفاء وربما يتعين للتسليم موضع السبب وهو العقد وإن كان الاجر شيئا بعينه مما له حمل ومؤنة فإنما يتعين لايفائه الموضع الذي فيه ذلك العين لأنه ملك في ذلك الموضع بعينه كالمبيع بخلاف مالا حمل له ولا مؤنة فإنه يسلم إليه بعد الوجوب حيث ما لقيه وقد بينا الفرق بينهما في البيوع ولو تكاري منه حملا وزاملة وشرط حملا معلوما على الزاملة فما أكل من ذلك الحمل أو نقص من الكيل والوزن كان له أن يتم ذلك في كل منزل ذاهبا وجائيا لأنه استحق بالعقد حملا مسمى على البعير في جميع الطريق فيكون له أن يستوفى ما استحقه بالشرط وليس للحمال أن يمنعه من ذلك بخلاف المحمل فإنه إذا شرط فيه انسانين معلومين فليس له أن يحمل غيرهما الا برضاء الحمال لان الضرر على الدابة يختلف باختلاف الراكب وان خرج بالبعيرين يقودهما ولا يركبهما ولم يحمل عليهما جائيا فعليه الاجر كاملا لتمكنه من استيفاء المعقود عليه وكذلك لو بعث بهما مع عبده يقودهما لما بينا أن المعقود عليه خطوات الدابة في الطريق وقد صار مسلما إلى
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست