اليمين ولا تصور لهذا إذا كان ميتا وإذا كان يعلم بموته فمقصوده ازهاق روح يحدثه الله تعالى فيه إذا أحياه وذلك متوهم فانعقدت يمينه ثم حنث لوقوع اليأس عما هو شرط البر ظاهرا وعلى هذا والله لأشربن هذا الماء الذي في هذا الكوز ولا ماء في الكوز لا تنعقد يمينه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لأنه عقد يمينه على خبر ليس فيه رجاء الصدق إلا أنه لا فرق هنا بين ان يعلم أن الكوز لا ماء فيه أو لا يعلم لأنه عقد اليمين على شرب الماء الموجود في الكوز والله تعالى وان أحدث في الكوز ماء فليس هو الماء الذي كان موجودا في الكوز وقت اليمين بخلاف مسألة القتل إذا كان يعلم بموت فلأن لأنه عقد يمينه على فعل القتل في فلان فإذا أحياه الله تعالى فهو فلان فكان ما عقد عليه اليمين متوهما ووزان هذا في مسألة الكوز ان لو قال لأقتلن هذا الميت فان يمينه لا ينعقد لأنه لا تصور لما حلف عليه فإنه إذا أحياه الله تعالى حتى يتحقق فيه فعل القتل لا يكون ميتا وفي مسألة القتل رواية أبى يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى على ضد ما ذكره في الأصل أنه إذا كان لا يعلم بموته ينعقد يمينه باعتبار ما يتوهمه بجعله كالموجود حقيقة في حقه وإن كان يعلم بموته لا تنعقد يمينه ولكن الأول أصح فأما إذا حلف ليمسن السماء فهو آثم في هذه اليمين لان المقصود باليمين تعظيم المقسم به وإنما يحصل بيمينه هتك حرمة الاسم باستعمال اليمين في هذا المحل ولكن عليه الكفارة عندنا خلافا لزفر رحمه الله تعالى فإنه يعتبر لعقد اليمين أن يكون ما يحلف عليه في وسعه ايجاده وذلك غير موجود هنا ولكنا نقول انعقاد اليمين باعتبار توهم الصدق في الخبر وذلك موجود فان السماء عين ممسوس والملائكة يصعدون السماء ولو أقدره الله تعالى على صعود السماء يصعد وكذلك الحجر محل قابل للتحول لوجوده فانعقدت يمينه ثم حنث في الحال لعجزه عن ايجاد شرط البر ظاهرا وذلك كاف للحنث ألا ترى ان في الفعل الذي يقدر عليه يحنث إذا مات قبل أن يفعله لوجود العجز عن ايجاد شرط البر ظاهرا ولا فائدة في انتظار الموت هنا لان ذلك العجز ثابت في الحال ولا يقال إعادة الزمان الماضي في قدرة الله تعالى أيضا وقد فعله لسليمان صلوات الله عليه فكان ينبغي أن ينعقد اليمين الغموس بالطريق الذي قلتم وهذا لان هناك أخبر عن فعل قد وجد منه وذلك لا كون له والله تعالى وان أعاد الزمان الماضي لا يصير الفعل موجودا من الحالف حتى يفعله وفي مسألة مس السماء لو وقت يمينه لم يحنث ما لم يمض ذلك الوقت لما بينا أن انعقاد اليمين المؤقتة
(٧)