المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٤٢
شاهدان أنه محصن استفسرهما عن الاحصان ما هو وكيف هو فإذا بينا ذلك رجمه إن كان الشاهد بالاحصان رجلين ولا يشترط في الاحصان عدد الأربعة لأنه ليس بسبب موجب للعقوبة (قال) وكذلك لو شهد رجل وامرأتان بالاحصان وعلى قول زفر والشافعي رحمهما الله تعالى لا يثبت الاحصان بشهادة رجل وامرأتين أما الكلام مع الشافعي رحمه الله تعالى ينبنى على ما بينا في النكاح أن النكاح في غير هذه الحالة عنده لا يثبت بشهادة الرجل مع النساء لأنه ليس بمال ولا من حقوق ما هو مال وإنما يتحقق الكلام هنا بيننا وبين زفر فحجته رحمه الله تعالى ان المقصود بالاحصان هنا تكميل العقوبة وباعتبار ما هو المقصود لا يكون للنساء فيه شهادة لان المكمل للعقوبة بمنزلة الموجب لأصل العقوبة به فكما لا يثبت أصل العقوبة بشهادة النساء فكذلك تكميلها ألا ترى أن هذا الزاني لو كان عبدا مسلما لذمي فشهد ذميان ان مولاه كان أعتقه قبل الزنا وقد استجمع سائر شرائط الاحصان لا تقبل شهادتهما ومعلوم ان في غير هذه الحالة شهادة أهل الذمة على العتق على الذمي مقبولة ولكن لما كان المقصود هنا تكميل العقوبة على المسلم نظرنا إلى المقصود دون المشهود به يوضح ما قلنا إن الاحصان شرط والحكم يضاف إلى الشرط وجودا عنده كما يضاف إلى السبب ثبوتا به فكما لا يثبت سبب العقوبة بشهادة النساء فكذلك شرطها (وحجتنا) فيه أن الاحصان ليس بسبب موجب للعقوبة فيثبت بشهادة الرجال مع النساء كسائر الحقوق وهذا لا اشكال فيه فان الاحصان عبارة عن خصال حميدة بعضها مأمور به وبعضها مندوب إليه فيستحيل أن يكون سببا لايجاب العقوبة ولا هو شرط أيضا لان الشرط ما يتوقف الحكم على وجوده بعد السبب ولا يتوقف وجوب الرجم على وجود الاحصان بعد الزنا فإنه وان صار محصنا وبعد الزنا لم يرجم ولكنه عبارة عن حال في الزاني يصير الزنا في تلك الحالة موجبا للرجم والحكم غير مضاف إلى الحال ثبوتا به ولا وجودا عنده فعرفنا ان الشهادة بالنكاح في هذه الحالة وفي غير هذه الحالة سواء واما شهادة أهل الذمة فنقول العتق هناك يثبت وإنما لا يثبت سبق التاريخ لان هذا تاريخ ينكره المسلم وما ينكره المسلم لا يثبت بشهادة أهل الذمة ولان المسلم يتضرر بهذه الشهادة من حيث إقامة العقوبة الكاملة عليه ولا يجوز ان يتضرر المسلم بشهادة الكفار وتحقيقه ان شهادة أهل الذمة دخلها الخصوص في المشهود عليه لا في المشهود به فان شهادتهم على المسلمين غير مقبولة وعلى أهل الذمة مقبولة في الحدود وغيرها فإذا كان الخصوص في
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست