المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٤٦
ولا يستفيد كمال الحال والاحصان عبارة عن ذلك ولا بالجماع في النكاح الصحيح إذا كان قال لها ان تزوجتك فأنت طالق لان الدلالة قامت لنا على أنها تطلق بنفس العقد فجماعه إياها بعد ذلك يكون زنا إلا أنه لا يحب به الحد لشبهة اختلاف العلماء ولكن لا يستفاد بهذا الفعل كمال الحال وكذلك أن تزوج المسلم مجوسية أو مسلمة بغير شهود فدخل بها لان هذا من أنواع النكاح الفاسد (قال) وإذا ثبت الزنا عند القاضي سأل الزاني أمحصن أنت لأنه لو أقر بالاحصان استغنى القاضي عن طلب احصانه بالحجة فان أنكر احصانه وشهد الشهود عليه فرجم ثم رجع شهود الاحصان لم يضمنوا شيئا لأنهم ما شهدوا بسبب العقوبة ولا بشرطها ولان سبب العقوبة ثابت ببقاء شهود الزنا على شهادتهم فان رجع شهود الزنا وشهود الاحصان فلا ضمان على شهود الاحصان عندنا وعلى قول زفر رحمه الله تعالى يشتركون في الضمان بناء على أصل ان الاحصان شرط الرجم وان شهود الشرط يضمنون عند الرجوع كشهود السبب عنده وعندنا لا ضمان على شهود الشرط ثم قد بينا أن الاحصان ليس بشرط لان الشرط حقيقة ما يتوقف تمام السبب عليه ولكنه حال في الزاني فلا يكون الاتلاف مضافا إليه بوجه وربما قال زفر رحمه الله تعالى الاحصان يغلظ جريمته والرجم عقوبة جريمة مغلظة فإذا ثبت أن بشهود الاحصان تغلظت جريمته كانوا بمنزلة من أثبت أصل الجريمة فصاروا في المعني كستة نفر شهدوا على استحقاق القتل ولكن هذا بعيد فان الاسلام والنكاح يثبت بشهادتهما ولا يجوز أن تضاف إليهما الجريمة ولا تغليظها ألا ترى أنه لو شهد رجلان بالزنا وآخر ان بالاحصان لا تتم الحجة معلوم أن الرجم يستحق بشهادة شهود أربعة فلو كان شهود الاحصان كشهود الزنا لتمت الحجة هنا فأما إذا رجع شهود بالزنا أو بعضهم فالمسألة على ثلاثة أوجه اما أن يرجع أحدهم قبل القضاء أو بعد القضاء قبل إقامة الحد أو بعد إقامة الحد فان رجع أحدهم قبل القضاء يحدون حد القذف عندنا كما لو رجعوا جميعا وقال زفر رحمه الله تعالى لا يحد الا الراجع خاصة وجه قوله ان الحجة تمت باجتماع الأربعة على أداء الشهادة وتمام الحجة يمنع من أن يكون كلامهم قذفا ثم الراجع فسخ معنى الشهادة من كلامه برجوعه فينقلب كلامه قذفا ولكن له ولاية فسخ الشهادة على نفسه لا على غيره فيبقى كلام الباقين
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست