المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٣٩
فيحبسه تعزيرا ولهذا لا يحبسه في الديون قبل ظهور عدالة الشهود ولان الحبس أقصى العقوبة هناك فإنه بعد ما ثبت الحق لا يعاقبه الا بالحبس فلا يجوز أن يفعله قبل ثبوت الحق بخلاف الحدود فإذا ظهرت عدالة الشهود نظر في أمر الرجل فإن كان محصنا رجمه وإن كان غير محصن جلده والاحصان الذي يتعلق به الرجم له شرائط فالمتقدمون يقولون شرائطه سبعة العقل والبلوغ والحرية والنكاح الصحيح والدخول بالنكاح وأن يكون كل واحد من الزوجين مثل الآخر في صفة الاحصان والإسلام والأصح ان نقول شرط الاحصان على الخصوص اثنان الاسلام والدخول بالنكاح الصحيح بامرأة هي مثله فأما العقل والبلوغ فهما شرط الأهلية للعقوبة لا شرط الا حصان على الخصوص لان غير المخاطب لا يكون أهلا لالتزام شئ من العقوبات والحرية شرط تكميل العقوبة لا أن تكون شرط الاحصان على الخصوص فأما الدخول شرط ثبت بقوله صلى الله عليه وسلم الثيب بالثيب والثيوبة لا تكون الا بالدخول وشرطنا أن يكون ذلك بالنكاح الصحيح لان الثيوبة على ما عليه أصل حال الآدمي من الحرية لا يتصور بسبب مشروع سوى النكاح الصحيح وكان المقصود به تغليظ الجريمة لان الرجم أفحش العقوبات فيستدعى أغلظ الجنايات والجناية في الاقدام على الزنا بعد إصابة الحلال يكون أغلظ ولهذا لا تشترط العفة عن الزنا في هذا الاحصان بخلاف احصان القذف لان الزنا بعد الزنا أغلظ في الجريمة من الزنا بعد العفة فاما الاسلام شرط في قول علمائنا وعن أبي يوسف رحمه الله انه ليس بشرط وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنهما رجم يهوديين زنيا وزاد في بعض الروايات وقد أحصنا والمعني فيه أن هذه عقوبة يعتقد الكافر حرمة سببها فيقام عليه كما يقام على المسلم كالجلد والقطع والقتل في القصاص بخلاف حد الشرب فإنه لا يعتقد حرمة سببه وتأثيره ما بينا ان ما اشترط في الاحصان إنما يشترط لمعنى تغلظ الجريمة وغلظ الجريمة باعتبار الدين من حيث اعتقاد الحرمة فإذا كان هو في دينه معتقدا للحرمة كالمسلم فقد حصل ما هو المقصود فكان به محصنا فان المحصن من يكون في حصن ومنع من الزنا وهو باعتقاده ممنوع من الزنا وقد أنذر عليه بالعقوبة في دينه فكان محصنا ثم لا يجوز اشتراط الاسلام لمعنى الفضيلة والكرامة والنعمة كما لا يشترط سائر الفضائل من العلم والشرف ولا يجوز اشتراط الاسلام لمعنى التغليظ لان الكفر أليق بهذا من الاسلام فالاسلام
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست