المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٤٠
للتخفيف والعصمة والكفر من دواعي التغليظ فإذا كان تقام هذه العقوبة على المسلم بارتكاب هذه الفاحشة فعلى الكافر أولى (وحجتنا) قوله صلى الله عليه وسلم من أشرك بالله فليس بمحصن معناه ليس بكامل الحال فان المحصن من هو كامل الحال والرجم لا يقام الا على من هو كامل الحال والاعتماد في المسألة على الاستدلال بالثيوبة فان الثيوبة بالنكاح الصحيح شرط لايجاب الرجم ومعلوم أن المقصود انكسار شهوته بإصابة الحلال وهذا المقصود يتم بالإصابة بملك اليمين كما يتم بالنكاح ثم شرط أن يكون بالنكاح فما كان ذلك الا لاعتبار معنى النعمة ويتبين بهذا أن ما يشترط لإقامة الرجم يشترط بطريق هو نعمة فكذلك اعتقاد الحرمة يشترط بطريق هو نعمة وذلك بالاسلام بل أولي لان أصل النعمة في الوطئ بملك اليمين موجود إنما انعدم نهايتها وأصل النعمة منعدم هنا فيما يعتقده الكافر وتأثيره أن الجريمة كما تتغلظ باجتماع الموانع تتغلظ باجتماع النعم ولهذا هدد الله تعالى نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن بضعف ما هدد به غيرهن بقوله تعالى يضاعف لها العذاب ضعفين لزيادة النعمة عليهن وعوتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على الزلات بما لم يؤاخذ به غيرهم لزيادة النعمة عيهم والحر يقام الحد الكامل ولا يقام على العبد لزيادة نعمة الحرية في حق الحر فبدن العبد أكثر احتمالا للحد من بدن الحر فعرفنا أن بزيادة النعمة يزداد تغليظ الجريمة لما في ارتكاب الفاحشة من كفران النعمة فأما سائر الفضائل إنما لا تشترط لان شرط الحد بالرأي لا يمكن اثباته ونحن قلنا ما يكون شرطا بالاتفاق لا ينبغي أن يشترط بطريق هو نعمة استدلالا بالثيوبة فأما ما لم يعرف شرطا لو أثبتناه لأثبتناه بالرأي ابتداء مع أنه إنما يشترط في الاحصان ما ينطلق عليه اسم الاحصان وسائر الفضائل لا ينطلق عليه اسم الاحصان وأما الاسلام فيطلق عليه اسم الاحصان في قوله تعالى والذين يرمون المحصنات وقال تعالى فإذا أحصن فان أتين بفاحشة فأما العفة وإن كان يطلق عليها اسم الاحصان ولكن العفة انزجار عن الزنا والانزجار عن الزنا مع الاقدام على الزنا لا يتحقق فلا يمكن اشتراط العفة مقترنا بالزنا ولا سابقا على الزنا لأنه لا تتغلظ به الجريمة كما بينا فان الاصرار على الزنا أفحش في الجريمة مع أن العفة الوقوف على حدود الدين فإذا شرطنا أصل الدين بطريق هو نعمة حصل ما هو المقصود فأما الحديث فإنها رجمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بحكم التوراة ألا ترى أنه دعى بالتوراة
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست