المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٣٧
أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا بعد ما سأل عن احصانه ورجم الغامدية وحديث العسيف حيث قال واغديا أنيس إلى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها دليل على ذلك وقال عمر رضي الله عنه على المنبر وان مما أنزل في القرآن أن الشيخ والشيخة إذا زينا فارجموهما البتة وسيأتي قوم ينكرون ذلك ولولا أن الناس يقولون زاد عمر في كتاب الله لكتبتها على حاشية المصحف والجمع بين الجلد والرجم في حق المحصن غير مشروع حدا عندنا وعند أصحاب الظواهر هما حد المحصن لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ولحديث علي رضي الله عنه فإنه جلد شراحة الهمدانية ثم رجمها ثم قال جلدتها بكتاب الله ورجمتها بالسنة (وحجتنا) حديث ماعز والغامدية قد رجمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجلدهما وقال فان اعترفت فارجمها وقد بينا أن المقصود الزجر عن ارتكاب السبب وأبلغ ما يكون من الزجر بعقوبة تأتي على النفس بأفحش الوجوه فلا حاجة معها إلى الجلد والاشتغال به اشتغال بما لا يفيد وما لا فائدة فيه لا يكون مشروعا حدا وقد بينا أن الجمع بينهما قد انتسخ وقيل تأويل قوله جلد مائة ورجم بالحجارة الجلد في حق ثيب هو غير محصن والرجم في حق ثيب هو محصن وحديث علي رضي الله عنه تأويله ان جلدها لأنه لم يعرف احصانها ثم علم احصانها فرجمها وهو القياس عندنا على ما بيناه في الجامع ثم سبب هذا الحد يثبت عند الامام بالشهادة تارة وبالإقرار أخرى فبدأ الكتاب ببيان ما يثبت بالشهادة فقال والزنا مختص من بين سائر الحقوق في أنه لا يثبت الا بشهادة أربعة لقوله تعالى فاستشهدوا عليهن أربعة منكم وقال تعالى ثم لم يأتوا بأربعة شهداء وقد تكلف بعضهم فيه معنى وهو أن الزنا لا يتم الا باثنين وفعل كل واحد لا يثبت الا بشهادة شاهدين ولكن هذا ضعيف فان شهادة شاهدين كما يثبت فعل الواحد يثبت فعل الاثنين ولكنا نقول إن الله تعالى يحب الستر على عباده والى ذلك ندب وذم من أحب أن تشيع الفاحشة فلتحقيق معني الستر شرط زيادة العدد في الشهود على هذه الفاحشة واليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله لهلال بن أمية ائت بأربعة يشهدون على صدق مقالتك والا فحد في ظهرك واليه أشار عمر رضي الله عنه حين شهد عنده أبو بكرة وشبل بن معبد ونافع بن الأزرق على المغيرة بن شعبة رضي الله عنه بالزنا فقال لزياد وهو الرابع بم تشهد فقال أنا رأيت أقداما بادية وأنفاسا عالية وأمرا منكرا وفى رواية قال رأيتهما تحت
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست