المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٩١
القطع لكانت الأختية مؤثرة فيه كما لو كانت بالنسب (قال) وان أقر الرجل بالسرقة ثم هرب لم يطلب وإن كان في فوره ذلك لان هربه دليل رجوعه ولو رجع عن الاقرار لم يقطع فكذلك إذا هرب والأصل فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لماعز حين أخبر بالهرب فقال هلا خليتم سبيله ولكنه إذا أتى به بعد ذلك كان ضامنا للمال كما لو رجع عن اقراره فإنه يسقط القطع به دون الضمان (قال) وإذا أقر أنه سرق من هذا مائة ثم قال وهمت إنما سرقت من هذا الآخر لم يقطع لأنه رجع عن اقراره بالسرقة من الأول وتناقض كلامه في اقراره بالسرقة من الآخر والتناقض كالرجوع في ايراث الشبهة ويقضى لكل واحد منهما بمائة لان بالرجوع والتناقض يبطل اقراره في حق الحد دون المال وقد أقر بسرقة مائة درهم من كل واحد منهما وصدقه كل واحد منهما في ذلك فكان ضامنا له وان قال ذلك الشهود قبل القضاء للأول لم يقض عليه بقطع ولا مال لأنهم رجعوا عن شهادتهم بالسرقة من الأول وتناقض كلامهم بالسرقة من الثاني حين شهدوا أولا بسرقة هذه المائة بعينها من الأول والرجوع عن الشهادة قبل القضاء والتناقض فيها مانع من القضاء بالمال والحد جميعا (قال) وان كانت الشهود أربعة فثبت اثنان على الشهادة للأول به ورجع اثنان فشهدوا على هذا الآخر لا قطع عليه لواحد منهما للشبهة التي دخلت من حيث أن الراجعين شهدوا بسرقة ذلك المال بعينه من الآخر فيكون ذلك معارضا لشهادة الثابتين على السرقة من الأول فيمتنع وجوب القطع عليه بشهادة الثابتين للمعارضة وبشهادة الراجعين للتناقض ويقضي بالمال للأول لبقاء حجة كاملة على الشهادة في حق المال وتأثير المعارضة في ايراث الشبهة ولكن المال يثبت مع الشبهات ولا يقضي للآخر بشئ للتناقض من الشهود في حق الآخر لان ذلك مانع من القضاء بالمال (قال) رجل أقرانه سرق من هذا مائة درهم ثم جاء آخر فقال لم يسرقها هذا ولكني أنا سرقتها فقال المسروق منه كذبت فإنه يقطع الأول بخصومته لأنه صدقه في اقراره بالسرقة منه فأما اقرار الثاني فقد بطل بتكذيب المسروق منه إياه فصار كالمعدوم فان قال المسروق منه لم يسرقها الأول فقد علمت وذكرت أن هذا الآخر هو الذي سرقه لم يقطع الآخر ولا الأول لان دعواه على الأول براءة منه للآخر
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست