المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٢٠٠
والنساء في الأطراف فعليها الدية والفعل منها عمدا لا تعقله العاقلة فكان في مالها (قال) وإذا أخذهم الامام قبل أن يتوبوا وقد أصابوا المال فإن كان يصيب كل واحد منهم من المال المصاب عشرة دراهم فصاعدا فعليهم الحد عندنا وقال الحسن بن زياد رحمه الله تعالى الشرط أن يكون نصيب كل واحد منهم عشرين درهما فصاعدا لان التقدير بالعشرة في موضع يكون المستحق بأخذ المال قطع عضو واحد وههنا المستحق قطع عضوين ولا يقطع عضوان في السرقة الا باعتبار عشرين درهما ولكنا نقول هذا حد هو جزاء على أخذ المال فيستدعي مالا خطيرا وقد بينا أن العشرة مال خطير فيستحق به إقامة الحد كما يستحق به القطع بالسرقة ثم تغلظ الحد ههنا باعتبار تغلظ فعلهم باعتبار المحاربة وقطع الطريق لا باعتبار كثرة المال المأخوذ ففي النصاب هذا الحد وحد السرقة سواء وان كأن لا يصيب كل واحد منهم عشرة دراهم درئ الحد عنهم الا على قول مالك رحمه الله وهكذا مذهبه في الصغرى فإنه يعتبر أن يكون المأخوذ في نفسه نصابا كاملا سواء أخذه الواحد أو الجماعة ولكنا نقول إقامة الحد على كل واحد منهم باعتبار ما يصيبه من المال فلا بد من أن يكون خطيرا في نفسه وما دون النصاب حقير تافه وإذا كان نصيب كل واحد منهم تافها لا يقام عليهم الحد كما لو كان المأخوذ في نفسه نافها ثم يضمنون المال إذا درئ الحد عنهم والامر في القصاص في النفس وغيرها إلى الأولياء ان شاؤوا استوفوا وان شاؤوا عفوا وقد طعن عيسى رحمه الله تعالى في هذه المسألة فقال يقتلهم الامام حدا لأنهم لو قتلوا ولم يأخذوا شيئا من المال قتلهم الامام حدا لا قصاصا والردء والمباشر فيه سواء فكذلك إذا أخذوا مع القتل مالا يبلغ نصيب كل واحد منهم نصابا اما لان ما دون النصاب لما لم يتعلق به حكم فوجوده كعدمه أو لأنه تتغلظ جنايتهم بأخذ شئ من المال وما يغلظ الجناية لا يكون مسقطا للحد ولكن ما ذكر في الكتاب أصح لان وجوب الحد عليهم باعتبار ما هو المقصود والظاهر أنهم يقصدون بقطع الطريق أخذ المال وإنما يقدمون على القتل ليتمكنوا من أخذ المال فإذا لم يأخذوا المال عرفنا أن مقصودهم لم يكن المال وإنما كان القتل فأوجبنا عليهم الحد قتلا بالقتل الموجود منهم وان أخذوا المال عرفنا أن مقصودهم كان أخذ المال وان اقدامهم على القتل كان للتمكن من أخذ المال فباعتبار ما هو المقصود لا يمكن ايجاب الحد عليهم إذا كان ما يصيب كل واحد منهم ما دون النصاب فلهذا قال محمد رحمه الله تعالى يدرأ الحد عنهم ويبقى حكم القصاص
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 » »»
الفهرست