المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٣٤
يكون من المرفق وقد يكون من المنكب ولكن هذا الابهام زال ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه أمر بقطع يد السارق من الرسغ ولان هذا القدر متيقن به وفى العقوبات إنما يؤخذ بالمتيقن فاما قوله جل وعلا إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله فقد قيل المراد يحاربون أولياء الله فان أحد الا يحارب الله تعالى ولكنه حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه وهو أصل في اللغة وقيل المراد بيان ان قاطع الطريق كأنه يحارب الله تعالى لان المسافر في المفاوز في أمان الله تعالى وحفظه فالمتعرض له كأنه يحارب الله تعالى وهو نظير قوله سبحانه وتعالى من يشاقق الله ورسوله فان أحدا لا يشاقق الله حقيقة ولكن راد أمر الله تعالى كأنه يشاقق الله تعالى وزعم بعض العلماء رحمهم الله تعالى ان نزول الآية في المرتدين واستدلوا عليه بحديث أنس رضي الله عنه ان العرنيين لما ارتدوا وقتلوا الرعاة وساقوا إبل الصدقة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم وجئ بهم فامر بقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم فنزلت الآية ولكن الأصح ان نزول الآية في الذين قطعوا الطريق من غير المرتدين لان في الآية بيان عقوبة تستحق بقطع الطريق وقيل المرتد يستحق القتل قطع الطريق أو لم يقطع وإنما سبب نزول هذه الآية الذين قطعوا الطريق وما بدأ به محمد الكتاب ورواه عن أبي يوسف رحمه الله تعالى عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه م أجمعين (قال) وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بردة هلال بن عويمر الأسلمي فجاء أناس يريدون الاسلام فقطع عليهم أصحاب أبي بردة الطريق فنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام بالحد فيهم ان من قتل وأخذ المال صلب ومن قتل ولم يأخذ المال قتل ومن أخذ مالا ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف ومن جاء مسلما هدم الاسلام ما كان في الشرك فقوله وادع يحتمل المؤقتة وهي الأمان ويحتمل المؤبدة وهي الذمة فأجرى أبو يوسف رحمه الله تعالى الكلمة على ظاهرها وقال يقام حد قطاع الطريق على المستأمنين وأهل الذمة بدليل الحديث وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى قالا المراد الموادعة المؤبدة وهي عقد الذمة لأنه قد ثبت بالنص وجوب تبليغ المستأمنين مأمنهم والآية وان نزلت في الكفار فالحكم غير مقصور عليهم لان السبب الموجب للعقوبة قطع الطريق بالنص ففي حق كل من تقرر السبب ثبت الحكم ولكن بعد أن يصير محاربا بقطع الطريق والمستأمن محارب وإن لم يقطع الطريق لأنه متمكن من الرجوع إلى دار الحرب
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست