المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٣١
اتلاف الكل حقا له شرعا يصير ذلك شبهة في اتلافه جزءا منها والحد يسقط بالشبهة ثم يلزمه العقر لسيدها لأنه وطئ في غير الملك فلا يخلو عن حد أو عقر وقد سقط الحد بشبهة فعليه العقر ويكون للسيد بمنزلة كسبها لان حق من له القصاص في استيفاء القصاص فلا يثبت في المال والعقر والكسب مال فيكون لمولاها بملكه رقبتها وان كانت الجناية خطأ فوطئها الولي ففي القياس عليه الحد وبه يأخذ أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى سواء اختار المولى الدفع أو الفداء وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى ان اختار المولى الفداء فكذلك الجواب وان اختار الدفع فلا حد عليه استحسانا لان بالجناية الخطأ لم يثبت للولي حق التملك فيها وهذا لان موجب جناية الخطأ يكون على أقرب الناس من الجاني ألا ترى ان في الحر موجب جنايته على العاقلة وفى المملوك موجب جنايته على المولى لأنه أقرب الناس إليه ولهذا خير بين الدفع والفداء فان اختار الفداء فقد وصل إلى ولى الجناية حقه وبقيت الجارية مملوكة للمولى كما كانت فتبين أنه وطئها ولا شبهة له فيها فكان عليه الحد فان اختار الدفع فكذلك عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لان موجب الجناية كان على المولى ولكنه كان متمكنا من اختيار الدفع بأن يقول هذا الشغل إنما لحقني بجنايتها على أن أدفعها لأخلص نفسي من هذا الشغل فكان هذا ملكا حادثا للولي فيها بعد تقرر فعل الزنا فلا يسقط به الحد وعلى قول أبى يوسف رحمه الله تعالى يسقط الحد استحسانا لان حق ولى الجناية في رقبتها وإن كان المولى متمكنا من تحويل الحق عن الرقبة باختيار الفداء بدليل انها لو هلكت يسقط حق ولى الجناية وإنما سقط لفوات محل حقه فإذا تقرر حقه في محله باختيار المولى الدفع فإنما يملكها بسبب تلك الجناية وتبين انها وطئها وله فيها سبب ملك فيسقط الحد كمن اشتري جارية على أن البائع بالخيار فوطئها المشترى ثم اختار البائع البيع فلا حد على المشترى ولكن هذا ضعيف لأنه لو كان له فيها سبب ملك لم يلزمه الحد وان اختار المولى الفداء كما في المشتراة بشرط الخيار للبائع فلا حد على المشتري وان فسخ البيع فيها وحيث وجب الحد هنا عند اختيار الفداء عرفنا أنه ليس فيها سبب ملك ثم ذكر في بعض النسخ فصلا وهو أنه زنى بجارية ثم اشتراها في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يحد ولا حد عليه في قول أبى يوسف رحمه الله تعالى فإن كان جواب هذا الفصل هكذا فلا حاجة إلى التكلف الذي قلنا في مسألة الدفع بالجناية لان الملك الحادث بعد وجوب الحد
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست