المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٢٩
إلى نفسها فلا مهر عليه لأنها رضيت بسقوط حقها ورضاها معتبر لكونها بالغة ولأنها صارت مستعملة للصبي ومن استعمل صبيا في شئ لحقه فيه ضمان ثبت لوليه حق الرجوع على المستعمل فلا فائدة في ايجاب المهر لها إذا طاوعته والمجنون في ذلك بمنزلة الصبي ولو كانت صبية أو مجنونة دعته إلى نفسها فالمهر واجب لأنها ليست من أهل الرضي بسقوط حقها ولان اشتغالها بالأمر غير مثبت حق الرجوع عليها لاهدار قولها (قال) رجل قال لرجل أنت أزنى من فلان فلا حد عليه لان افعل يذكر بمعنى المبالغة في العلم فكان معني كلامه أنت أعلم بالزنا من فلان أو أنت أقدر على الزنا من فلان وكذلك لو قال أنت أزني الناس أو أزنى الزناة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنت أزنى من فلان الزاني أو أزنى الزناة فعليه الحد لأنه بين بآخر كلامه أن المراد المبالغة في وصفه بفعل الزنا وكذلك قوله أزنى الناس لان في الناس زان فهو كقوله أزني الزناة بخلاف قوله أنت أزنى من فلان (قال) رجل زني بخرساء أو أخرس زنى بامرأة لاحد عليه لان الأخرس لو كان ناطقا ربما يدعي شبهة يسقط به الحد عن نفسه وعن صاحبه والخرس يمنعه من إظهار تلك الشبهة ولا يجوز إقامة الحد مع تمكن الشبهة بخلاف ما إذا زنى صحيح بمجنونة فعليه الحد لان المجنونة ليست من أهل أن تدعى الشبهة وامتناع وجوب الحد لمعنى فيها وهو الجنون لا لشبهة في الفعل فهو نظير الزنا بمستكرهة (قال) ولو سرق رجلان سرقة واحدة وأحدهما أخرس أو مجنون لا قطع على واحد منهما لان الفعل هنا واحد فإذا لم يكن موجبا للقطع على أحدهما لا يكون موجبا على الآخر فأما في الزنا كل واحد من الزانيين مباشر لفعل آخر إذ لا مجانسة بين الفعلين لان فعله الايلاج وفعلها التمكين فجنونها لا يعدم التمكين فلا يتمكن فيه نقصان فيكون فعل الرجل في الايلاج مخصوصا بكمال الزنا فلهذا لزمه الحد (قال) وإذا شهد الشاهدان على رجل بالزنا وآخران على اقراره بالزنا لاحد عليه لان الشهادة على الاقرار لغو في ايجاب حكم الحد فان المشهود عليه جاحد ومن ضرورة جحوده الرجوع عن اقراره ولأنهم اختلفوا في المشهود به فشهد اثنان بالفعل والآخران بالقول ولا حد عليه لان الذين شهدوا على الاقرار ما نسباه إلى الزنا والآخران وان نسباه إلى الزنا فشهادة الشاهدين على الاقرار يسقط الحد عنهما لأنهما شهدا على تصديق المقذوف والتصديق يثبت بشهادة شاهدين (قال) وان شهد ثلاثة بالزنا وواحد بالاقرار به فعلى الثلاثة الحد لأنهم قذفوه بالزنا وليس على التصديق الا شاهد
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست