بقتله وكذلك الأرنب واليربوع يجب بقتلهما القيمة على المحرم فأما ما كان من هوام الأرض فلا شئ على المحرم في قتله غير أن في القنفذ روايتين عن أبي يوسف رحمه الله تعالى في احدى الروايتين قال هو نوع من الفأرة وفى رواية جعله كاليربوع فإذا بلغت قيمة شئ من هذه الحيوانات حملا أو عناقا لم يجزه الحمل ولا العناق من الهدى في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأدنى ما يجزى في ذلك الجذع العظيم من الضأن أو الثني من غيرها فإن كان الواجب دون ذلك كفر بالاطعام أو الصيام وجعل هذا قياس الأضحية فكما لا يجزى هناك التقرب بإراقة دم الحمل والعناق مقصودا فكذلك هنا ولان الواجب بالنص هنا الهدى قال الله تعالى هديا بالغ الكعبة فهو بمنزلة هدى المتعة والقران فكما لا يجزئ الحمل والعناق في هدى المتعة والقران لا يجزئ هنا وأبو يوسف ومحمد وابن أبي ليلى رحمهم الله تعالى جوزوا ذلك في جزاء الصيد استحسانا بالآثار التي جاءت به فان الصحابة رضي الله عنهم قالوا في الأرنب عناق وفى اليربوع جفرة ولان الرجل قد يسمى الدراهم والثوب هديا ألا ترى أن الرجل لو قال الله علي أن أهدى هذه الدراهم يلزمه أن يفعل ذلك فالحمل والعناق أولى في ذلك ولا يستقيم قياسه على هدى المتعة لأنه قياس المنصوص بالمنصوص ولان الهدى قد يكون عناقا وفصيلا وجديا ألا ترى أنه لو أهدى ناقة فنتجت كان ولدها هديا معها ينحر ولو كان غير هدى لكان يتصدق به كذلك قبل النحر ولكن أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أجوزه هديا تبعا لا مقصودا كما يجوز به التضحية تبعا لا مقصودا إذا نتجت الأضحية (قال) وفى بيض النعامة على المحرم القيمة وفى الكتاب رواه عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما أوجبا في بيض النعامة القيمة (قال) ولو أن المحرم رمى صيدا فجرحه ثم كفر عنه ثم رآه بعد ذلك فقتله فعليه كفارة أخرى لأنه صيد على حاله بعد الجرح الأول وقد انتهى حكم ذلك الجرح بالتكفير فقتله الآن جناية أخرى مبتدأة فيلزمه به كفارة أخرى وإن لم يكفر عنه في الأولى لم يضره ولم يكن عليه في ذلك شئ إذا كفر في هذه الأخيرة الا ما نقصه الجرح الأول يريد به إذا كفر بقيمة صيد مجروح فاما إذا كفر بقيمة صيد صحيح فليس عليه شئ آخر لان الفعلين منه جناية في احرام واحد على محل واحد فيكون بمنزلة فعل واحد فلهذا لا يجب عليه الا كفارة واحدة وهذا لان حكم الفعل الأول قبل التكفير باق فيجعل الثاني اتماما له فاما بعد التكفير قد انتهى حكم الفعل الأول فيكون الفعل الثاني جناية مبتدأة (قال)
(٩٣)