سبق أورد في كتاب اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله تعالى انه إذا اضطر إلى ميتة أو صيد فعلى قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى يتناول من هذا الصيد ويؤدى الجزاء وعلى قول زفر رحمه الله تعالى يتناول من الميتة لأنه لو قتل الصيد صار ميتة فيكون جامعا بين أكل الميتة وقتل الصيد وله عن أحدهما غنية بان يتناول الميتة ولكنا نقول حرمة الميتة أغلظ الا ترى ان حرمة الصيد ترتفع بالخروج من الاحرام وحرمة الميتة لا فعليه أن يتحرز عن أغلظ الحرمتين بالاقدام على أهونهما وقتل الصيد وإن كان محظور الاحرام ولكنه عند الضرورة لا بأس به كالحلق عند الأذى فلهذا يقتل الصيد ويتناول من لحمه ويؤدى الجزاء والله سبحانه وتعالى أعلم باب المحصر (قال) رضي الله عنه الأصل في حكم الاحصار قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله فان أحصرتم أي منعتم من اتمامهما فما استيسر من الهدى شاة تبعثونها إلى الحرم لتذبح ثم تحلقون لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله فعلى المحصر إذا كان محرما بالحج أن يبعث بثمن هدى يشترى له بمكة فيذبح عنه يوم النحر فيحل من احرامه وهذا قول علمائنا رحمهم الله تعالى أن هدى الاحصار مختص بالحرم وعلى قول الشافعي رضي الله عنه لا يختص بالحرم ولكن يذبح الهدى في الموضع الذي يحصر فيه وحجته في ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج مع أصحابه رضي الله عنهم معتمرا فأحصر بالحديبية فذبح هداياه وحلق بها وقاضاهم على أن يعود من قابل فيخلو له مكة ثلاثة أيام بغير سلاح فيقضى عمرته فإنما نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدى في الموضع الذي أحصر فيه ولأنه لو بعث بالهدى لا يأمن أن لا يفي المبعوث على يده أو يهلك الهدى في الطريق وإذا ذبحه في موضعه يتيقن بوصول الهدى إلى محله وخروجه من الاحرام بعد إراقة دمه فكان هذا أولى وحجتنا في ذلك قوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله والمراد به الحرم بدليل قوله تعالى ثم محلها إلى البيت العتيق بعد ما ذكر الهدايا ولان التحلل بإراقة دم هو قربة وإراقة الدم لا يكون قربة الا في مكان مخصوص وهو الحرم أو زمان مخصوص وهو أيام النحر ففي غير ذلك المكان والزمان لا تكون قربة ونقيس هذا
(١٠٦)