المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٦٤
لان البيتوتة بالمزدلفة ليست بنسك مقصود ولكن المقصود الوقوف بالمشعر الحرام بعد طلوع الفجر وقد أتى بما هو المقصود فلا يلزمه بترك ما ليس بمقصود شئ كما بينا في ترك البيتوتة بها في ليالي الرمي والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب باب رمى الجمار (قال) رضى الله تعالى عنه ويبدأ إذا وافي منى برمي جمرة العقبة ثم بالذبح إن كان قارنا أو متمتعا ثم بالحلق لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أول نسكنا في هذا اليوم أن نرمي ثم نذبح ثم نحلق ولان الذبح والحلق من أسباب التحلل الا ترى أن تحلل المحصر بالذبح فيقدم الرمي عليهما ثم الذبح في معنى التحلل دون الحلق فان الحلق محظور الاحرام والذبح لا فكان الذبح مقدما على الحلق وقد بينا اختلاف العلماء في وقت ابتداء الرمي في هذا اليوم وكذلك يختلفون في آخر وقته ففي ظاهر المذهب وقته إلى غروب الشمس ولكنه لو رمي بالليل لا يلزمه شئ وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى وقته إلى زوال الشمس وما بعد الزوال يكون قضاء وللشافعي رحمه الله تعالى فيه قولان في أحد القولين إنما يرمي ذلك إلى غروب الشمس فإذا غربت تعين عليه الفدية بفوات الوقت في هذا الرمي وما عرف الرمي قربة الا بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت فيتحقق فواته بفوات الوقت كالوقوف بعرفة وفى القول الآخر يقول يمتد وقته إلى آخر أيام التشريق حتى يأتي بما ترك من الرمي في أخر أيام التشريق ولا شئ عليه لان الرمي كله في حكم نسك واحد وان اختلف مكانه وزمانه فلا يتحقق الفوات فيه الا بفوات وقته وذلك بمضي آخر أيام التشريق وقاس بالتكبيرات فان من ترك شيئا من الصلوات في هذه الأيام يقضيها بالتكبيرات إلى آخر أيام التشريق وحجتنا في ذلك أن وقت رمى جمرة العقبة يوم النحر بالنص قال صلى الله عليه وسلم ان أول نسكنا في هذا اليوم وذهاب تمام اليوم بغروب الشمس إلا أن أبا يوسف رحمه الله تعالى يقيس الرمي في هذا اليوم بالرمي في اليوم الثاني فيقول كما أن في اليوم الثاني وقت الرمي نصف اليوم وهو ما بعد الزوال فكذا في هذا اليوم وقت الرمي نصف اليوم وذلك إلى زوال الشمس إلا أنه إذا رمى بالليل لم يغرم شيئا لان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة ان يرموا ليلا ولان اليوم لما كان وقتا للرمي فالليل يتبعه في
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست