المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٨٢
كل واحد من الاحرامين أصل مثل صاحبه لان كل واحد منهما يعم البقاع كلها فلا يكون أحدهما تبعا للآخر بل يعتبر كل واحد منهما في ايجاب موجبه كأنه ليس منه صاحبه كما أن حرمة الجماع بسبب حرمة الصوم وعدم الملك إذا اجتمعا بأن زنى الصائم في رمضان يجب عليه الحد والكفارة جميعا وكذلك حرمة الخمر ثابتة لعينها فيثبت باليمين إذا حلف لا يشربها حرمة أخرى ثم عند الشرب يلزمه الحد والكفارة جميعا وهذا بخلاف حرمة الحرم فإنها دون حرمة الاحرام. ألا ترى أنه لا يعم البقاع كلها وانه لا بد من اعتباره في حق المحرم فان المحرم لا يستغنى عن دخول الحرم وإذا كان في حكم التبع لم يعتبر في حق المحرم ولأنه لا مقصود هناك سوى وجوب ترك التعرض للصيد وذلك حاصل في حق المحرم باحرامه فلا يزداد بالحرم في حقه فأما هنا العمرة بعقد مقصود يحوي ترك التعرض للصيد فوجب اعتباره في حق المحرم بالحج كما يجب اعتباره في حق غير المحرم بالحج (قال) فان قتل حلالان صيدا في الحرم بضربة واحدة فعلى كل واحد منهما نصف جزاء كامل بخلاف ما إذا ضربه كل واحد منهما ضربة فإنه يجب على كل واحد منهما ما تقتضيه ضربته ثم يجب على كل واحد منهما نصف قيمته مضروبا بضربتين لان عند اتحاد فعلهما جميع الصيد صار متلفا بفعلهما فيضمن كل واحد منهما نصف الجزاء وعند اختلاف محل الفعل الجزء الذي تلف بضربة كل واحد منهما كان هو المختص باتلافه فعليه جزاؤه والباقي متلفا بفعلهما فضمانه عليهما وقد قررنا هذا الفرق فيما أمليناه من شرح الجامع (قال) وإذا قتل المحرم صيدا فعليه فعليه قيمة الصيد في الموضع الذي قتله فيه أن كان الصيد يباع ويشترى في ذلك الموضع والا ففي أقرب المواضع من ذلك الموضع مما يباع ذلك الصيد ويشتري في ذلك الموضع مما له نظير من النعم أولا نظير له في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد والشافعي رحمهما الله تعالى فيما له نظير ينظر إلى نظيره من النعم الذي يشبهه في المنظر لا إلى القيمة حتى يجب في النعامة بدنة وفي حمار الوحش بقرة وفى الظبي شاة وفى الأرنب عناق وفى اليربوع جفرة. وقال الشافعي رحمه الله تعالى في الحمامة شاة وهو قول ابن أبي ليلى وزعم أن بينهما مشابهة من حيث إن كل واحد منهما يعب ويهدر وفيما لا نظير له تعتبر القيمة واحتجا في ذلك بقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وحقيقة المثل ما يماثل الشئ صورة ومعنى ولا يجوز العدول عن الحقيقة إلى المجاز إلا عند تعذر العمل بالحقيقة والنظير مثل صورة ومعنى
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست