المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٩٨
لها بسبب الحرم ولا شك أن ما يجب بقطع الأشجار يكون غرم المحل فكذلك ما يجب بقتل صيد الحرم يكون غرم المحل فكان هذا بغرامات المالية أشبه فكما لا مدخل للصوم في غرامات الأموال وإن كان وجوبها لحق الله تعالى كاتلاف مال الزكاة والعشر فكذلك لا مدخل للصوم في جزاء صيد الحرم يقرره وهو انه لما أزال الامن عن محل أمن لحق الله تعالى فيلزمه بمقابلته اثبات صفة الامن عن الجوع للمسكين حقا لله تعالى وذلك بالاطعام يحصل دون الصيام فاما في صيد الاحرام لما كان الواجب لارتكابه فعلا محرما حقا لله تعالى يتأدى ذلك بفعل ما هو مأمور به حقا لله تعالى وهو الصيام وفي الهدى روايتان هنا في احدى الروايتين يقول لا يتأدى الواجب بإراقة الدم بل بالتصدق باللحم حتى يشترط أن تكون قيمة اللحم بعد الذبح مثل قيمة الصيد فإن كان دون ذلك لا يتأدى الواجب به وكذلك أن سرق المذبوح لأنه لا مدخل لإراقة الدم في الغرامات وإنما المعتبر فيه التمليك من المحتاج وذلك يحصل في اللحم وفى الرواية الأخرى يقول يتأدى الواجب بإراقة الدم حتى إذا سرق المذبوح لا يلزمه شئ ويشترط أن تكون قيمة قبل الذبح مثل قيمة الصيد لان الهدى مال يجب لله تعالى وإراقة الدم طريق صالح لجعل المال خالصا لله تعالى بمنزلة التصدق ألا ترى أن المضحي يجعل الأضحية خالصا لله تعالى بإراقة دمها فكذلك هنا (قال) ومن دخل الحرم بصيد فعليه ان يرسله عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى ليس عليه إرساله لان الامن بسبب الحرم يثبت لحق الشرع فإنما يثبت في المباح دون المملوك كالأشجار فان ما ينبته الناس في الحرم لا يثبت فيه حرمة الحرم وقاس هذا بالاسترقاق فان الاسلام يمنع الاسترقاق لحق الشرع ثم لا يزيل الرق الثابت قبله فكذا هذا ولكنا نقول حرمة الحرم في حق الصيد كحرمة الاحرام فكما أن الحرمة بسبب الا حرام تثبت في حق الصيد المملوك حتى يجب إرساله فكذلك الحرمة بسبب الحرم وليس هذا نظير الأشجار لان ما ينبته الناس ليس بمحل لحرمة الحرم أصلا بمنزلة الأهلي من الحيوانات كالإبل والبقر والغنم فاما الصيد مملوكا كان أو غير مملوك فهو محل لثبوت الامن له بسبب الحرم فان باع الصيد بعد ما أدخله الحرم كان البيع فاسدا يرد إن كان الصيد قائما وإن كان فائتا فعليه جزاؤه لان حرمة الحرم في الصيد مانعة من بيعه كحرمة الاحرام (قال) رجل أدخل الحرم بازيا أو صقرا فعليه إرساله لأنه صيد ممتنع فيثبت فيه الامن بسبب الحرم فعليه إرساله كما لو أخذه في الحرم
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست